متنديات الوظيفة و الحوارالثقافي لجامعة ابن زهر اكادير

مرحبا بك زائرنا الكريم للاستفادة معنا قم بالتسجيل في المنتدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

متنديات الوظيفة و الحوارالثقافي لجامعة ابن زهر اكادير

مرحبا بك زائرنا الكريم للاستفادة معنا قم بالتسجيل في المنتدى

متنديات الوظيفة و الحوارالثقافي لجامعة ابن زهر اكادير

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
متنديات الوظيفة و الحوارالثقافي لجامعة ابن زهر اكادير

مرحبا بكم في منتديات الوظيفة و الحوارالثقافي لجامعة ابن زهر اكادير

[url=http://www.0zz0.com/realpic.php?s=3&pic=2011/12/23/13/453909958.jpg]
اخير المسجلين مراد لواح
تم اضافة منتديات اكلية القانون
اخر المسجلين مراد لواح فمرحبا به

المواضيع الأخيرة

التبادل الاعلاني

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 17 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 17 زائر

لا أحد


[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 77 بتاريخ 2024-02-12, 21:43

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 163 مساهمة في هذا المنتدى في 132 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 65 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو Mimid12 فمرحباً به.

موقع تانوية الامان

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي

    المدير
    المدير
    Admin


    عدد المساهمات : 131
    نقاط التمييز : 2147483647
    الرتبة : 0
    تاريخ التسجيل : 05/02/2009

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي Empty جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي

    مُساهمة  المدير 2011-12-17, 10:54

    إن في مقدمة ما يحرص عليه تنظيم التعايش الاجتماعي هو صيانة سلامة الفرد لأنه أحد الخلايا المكونة لجسم المجتمع ولا وجود لأي مجتمع بدون توفير الحماية البدنية للفرد، وبذلك فإن جرائم لاعتداء على الأشخاص تعتبر من اخطر الظواهر الاجتماعية [...]

    كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية

    شعبة القانون الخاص

    بحث لنيل الإجازة في الحقوق تحت عنوان:
    جرائم, القتل, جريمة قتل,

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي
    تحت إشراف: ذ. محمد أحداف
    إعداد الطالب: ح. محمد
    السنة الجامعية : 2005-2006

    بسم الله الرحمان الرحيم” ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق “صدق الله العيظم

    مقدمة:
    [...] التي تهدد تماسك المجتمع وتحد من قدراته وتقف عائقا في طريق تقدمه ونمائه والجريمة كظاهرة متأصلة منذ القدم لا يخلو منها أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية وهي لا تعدوا من أن تكون ردة فعل لعدة عوامل اجتماعية ونفسية وبيئية وتربوية واقتصادية وثقافية وغيرها وتتنوع من حيث طبيعتها وأشكالها وأساليبها من مجتمع لأخر تبعا لتنوع الظروف والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية إذن فمسألة ثبات الجريمة نفسها في الزمان والمكان أمر لا ينطوي على حقيقة علمية بل إن ما يعتبر جريمة الآن قد لا يعتبر كذلك غدا أو حتى في المكان فما يعتبر جريمة في المغرب قد يكون مباحا في بلد أخر والعكس صحيح كتعاطي المخدرات في مجموعة من الدول الغربية وإباحة الشدود الجنسي وصناعة الجنس والبغاء المنظمة قانونيا وإباحة قتل الشفقة في بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية والأمثلة كثيرة إلى درجة يصعب معها أن توضع لها لائحة حصرية .

    القتل من أقدم الجرائم ،عرفها الإنسان مند أن عرف الحياة على هذه الأرض ويقص علينا القرآن قصة أول جريمة قتل في تاريخ البشرية وهي التي قتل فيها قابيل إبن آدم عليه السلام أخاه هابيل ظلما وعدوانا .ومما لا جدال فيه هو خطورة جريمة القتل وتهديدها للكيان الفردي والاجتماعي معا ولذلك كانت عقوبتها صارمة على مر العصور والشرائع السماوية بحيث أنها اعتبرت التعدي على النفس من أخطر الجرائم لأن الإسلام أعلى من شأن الإنسان بقوله تعالى :{ولقد كرمنا بني أدم }، وعلى قدر ما أعلى من شأنه فقد اشتد في العقوبة على من يعتدي على حياة غيره بغير حق وهذه العقوبة هي الإعدام في شريعة موسى حكى القرآن على التوراة :{ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس}.
    وفي التشريعات الوضعية القديمة كانت عقوبة الإعدام مرتبطة بالنتيجة الإجرامية لجرائم القتل بصرف النظر عن توافر أو عدم التوافر القصد الجنائي وعن الظروف الشخصية والعينية لارتكاب الجريمة والمثل على ذلك قانون حمورابي الأشوري الذي كان يقرر الإعدام في حالات متعددة يحدث فيها الموت بدون قصد كالموت الناتج عن ضرب امرأة حامل أو عن انهدام البناء نتيجة عيب فيه.
    أما التشريعات الحديثة فإنها تهتم إلى حد بعيد بتلك الظروف لأن الجانب الشخصي أصبح له دور حاسم في تقرير وتدرج المسؤولية الجنائية ولذلك نجد فعل القتل قد تفرغ إلى عدة جرائم تتراوح عقوباتها بين الحبس والسجن المؤبد والإعدام .

    وفي الأخير يجب التنويه بأن الفقهاء المسلمين كانوا أول من عني بالدراسة الفقهية لهذه الجريمة ففرعوا جرائم القتل إلى القتل غيلة والقتل العمد والقتل شبه العمد والقتل الخطأ وزاد أبو حنيفة نوعا خاصا هو القتل بالتسبب وعينوا لكل نوع من هذه الأنواع الخمسة العقوبة الخاصة به. والقانون الجنائي المغربي قسم جريمة القتل إلى جريمة القتل العمد وهو الذي يحصل باستخدام وسائل القتل مع وجود سبق إصرار على ارتكاب هذه الجريمة وإلى جريمة القتل الخطأ وهو الذي يحصل دون أن يكون لدى القاتل سبق إصرار على ارتكاب هذه الجريمة ولم يكن يهدف إلى إيذاء القتل ثم جرائم الإيذاء وهي الجرائم التي تفضي إلى الموت دون أن يقصد المجرم نتيجتها ولقد وردت الأحكام المختلفة لهذه الأنواع الثلاثة من القتل في الكتب الفقهية كما تعرض في نصوص متفرقة للعقاب عن الموت الناتج عن أفعال إجرامية مثل حالات الموت الناشئ عن وسائل الإيذاء والعنف أو الحرمان من التغذية أو العناية أو عن الإجهاض أو عن الإحراق العمدي أو التخريب أو وضع المتفجرات.
    ومما لا جدال فيه أن حساسية الموضوع واستفحال ظاهرة الإجرام في المغرب يؤدي بنا إلى الميول والاهتمام بإنجاز بحيث شامل ودقيق للجريمة وأنواعها مع استثناء للجرائم المعاقب عنها بموجب قانون العدل العسكري.وسوف يكون تقسيمنا كالتالي :

    القتل العمد ( الفصل الأول )
    القتل الخطأ (الفصل الثاني )
    الضرب والجرح المفضي للموت (الفصل الثالث)

    لائحة المواضيع:

    مقدمةالفصل الأول: جريمة القتل العمد

    المبحث الأول: أركان جريمة القتل العمد
    المطلب الأول: الركن المادي لجريمة القتل العمد
    الفقرة الأولى: النشاط الإجرامي
    الفقرة الثانية: النتيجة الإجرامية
    الفقرة الثالثة: العلاقة السببية
    المطلب الثاني: الركن المعنوي
    الفقرة الأولى: عناصر القصد الجنائي
    الفقرة الثانية: الحالات التي لا ينتفي فيها القصد الجنائي جريمة القتل العمد
    المبحث الثاني: عناصر العقاب على القتل العمد
    المطلب الأول: الظروف المشددة في القتل العمد
    الفقرة الأولى: اقتران القتل بجناية
    الفقرة الثانية: ارتباط القتل العمد بجناية أو جنحة
    الفقرة الثالثة: سبق الإصرار
    الفقرة الرابعة: الترصد
    الفقرة الخامسة: قتل الأصول
    المطلب الثاني: الأعذار المخففة لعقوبة القتل العمد
    الفقرة الأولى: قتل الأم لوليدها
    الفقرة الثانية: القتل المرتكب نتيجة استفزاز ناشئ عن اعتداء بالضرب أو العنف الجسيم
    الفقرة الثالثة: قتل الزوج لزوجته، وشريكها عند مفاجأتهما متلبسين بالخيانة الزوجية
    الفقرة الرابعة: عقوبة القتل العمد المقترن بالعذر القانوني المخفف

    الفصل الثاني: القتل الخطأ

    المبحث الأول: أركان القتل الخطأ
    المطلب الأول: الركن المادي
    الفقرة الأولى: فعل الجاني (النشاط الإجرامي)
    الفقرة الثانية: النتيجة الإجرامية
    الفقرة الثالثة: العلاقة السببية بين النشاط والنتيجة
    المطلب الثاني: الركن المعنوي
    الفقرة الأولى: تعريف الخطأ الجنائي
    الفقرة الثانية : عناصر الخطأ وصوره
    أولا :عناصر الخطأ
    ثانيا :صور الخطأ
    1 عدم التبصر
    2 عدم الاحتياط و عدم الانتباه
    3 الإهمال
    4 عدم مراعاة النظم والقوانين
    ثالثا : تحقق الخطأ في مخالفته النظم و القوانين
    المبحث الثاني: معيار الخطأ في القتل الغير العمد وعقوبته
    المطلب الأول: معيار الخطأ في القتل الغير العمد
    أولا: المعيار الشخصي
    ثانيا: المعيار الموضوعي
    المطلب الثاني: عقوبة القتل الخطأ
    أولا : العقوبة في شكلها العادي
    ثانيا: ظروف التشديد في جريمة القتل الخطأ

    الفصل الثالث: الضرب و الجرح المفضي إلى الموت

    المبحث الأول: أركان جريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت
    المطلب الأول: فعل الإيذاء
    المطلب الثاني: العمد الجنائي
    المطلب الثالث: العلاقة السببية
    المبحث الثاني: العقوبة والأعذار المخففة و الظروف المشددة لجريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت
    المطلب الأول: العقوبة وظروف لتشديد
    المطلب الثاني: الأعذار المخففة
    إحصائيات

    خاتمة

    لائحة بأهم المراجع

    رؤوف عبيد – السببية الجنائية طبعة 1959
    حومد عبد الوهاب القانون الجنائي المغربي – القسم الخاص – طبعة 1968
    نجيب حسني – القسم الخاص – الطبعة 1972
    أبو المعا طي أبو الفتوح – القانون الجنائي المغربي – القسم الخاص – طبعة 1983
    أحمد الخمليشي – شرح القانون الجنائي الخاص، الجزء الثاني – الطبعة الثانية 1986.
    أدولف ريولط – القانون الجنائي في شروح – دار النشر المعرفة – 1990
    حسن صادق المرصفاوي – شرح قانون الجزاء الكويتي – القسم الخاص – طبعة منشأة المعارف 1995
    مبارك السعيد بلقا ئد – القانون الجنائي الخاص – الرباط 2000.
    عبد الواحد العلمي – القانون الجنائي المغربي – الطبعة الثانية 2000.
    عبد الحفيظ بلقاضي – القسم الخاص – طبعة 2003.
    محمد أحذاف – علم الإجرام – الطبعة الثالثة 2004.
    محمد الفاضل – الجرائم الواقعة على الأشخاص – الطبعة الرابعة

    المجلات :
    مجلة القضاء عدد 28 ص 23
    مجلة الأمن الوطني عدد 212
    مجلة الأمن الوطني عدد 214
    مجلة قرارات المجلس الأعلى المادة الجنائية
    مجلة رسالة المحاماة عدد 8 أبريل 1991
    مجلة الملف : 8388 /87 ق م ع .

    الجرائد :
    جريدة العلم عدد 17109 بتاريخ 1 مارس 1997 مقال 1196 قتيل في حرب الطرق المغربية

    التقارير :
    تقرير سنوي حول وضعية السجون بالمغرب لسنة 2003.
    المدير
    المدير
    Admin


    عدد المساهمات : 131
    نقاط التمييز : 2147483647
    الرتبة : 0
    تاريخ التسجيل : 05/02/2009

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي Empty جريمة القتل العمد – الفصل الأول :

    مُساهمة  المدير 2011-12-17, 10:56

    4Share

    جريمة القتل العمد – الفصل الأول :
    القتل العمد من أخطر جرائم الاعتداء على الأشخاص لأنه يستهدف إزهاق روح إنسان.ويكاد يجمع علماء وأنثروبولوجيا و الإجرام على أن القتل ظاهرة من أقدم الظواهر في سلوك الإنسان الأول في المجتمعات البدائية .وهي في مقدمة القيم التي تسعى مختلف التشريعات السماوية والوضعية لحمايتها وصيانتها على مر العصور هذه الحماية التي تظهر في قسوة العقوبة المرصودة للعقاب الذي يرتكبها عمدا والتي لا تختلف فيها مبدئيا وهي الإعدام ذلك أن الشريعة السماوية عاقبت القاتل عمدا بالقتل عملا بقوله تعالى :{ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } ، وقوله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى } ، أما بالنسبة للقانون الجنائي فتختلف ظروف ارتكاب القتل العمد من حالة إلى أخرى فقد يرتكب في صورته العادية وقد يقترن بظرف من ظروف التشديد أو بعذر من الأعذار المخفقة.

    المبحث الأول: أركان جريمة القتل العمد.
    تنص المادة 392 من ق.ج على ما يلي : ” كل من تسبب عمدا في قتل غيره يعد قاتلا ويعاقب بالسجن المؤبد …” يستفاد مما تقدم بأن للقتل العمد ركنين وهما :
    أولا: الركن المادي: وقد عبر عنه المشرع ب ” التسبب في قتل شخص للغير ” وهذا الركن في الحقيقة لا يختص بجريمة القتل العمد وحدها وإنما يتطلب توافره في جميع صور القتل عمدا كانت أم نتيجة خطأ فقط.
    ثانيا: الركن المعنوي: ومفاده أن يكون إتيان الركن المادي – أي التسبب في قتل الغير – جاء عن قصد ونية إجرامية وهذا الركن يميز بواسطته بين القتل العمد والقتل نتيجة إهمال أو خطأ عموما .

    المطلب الأول: الركن المادي لجريمة القتل:
    يتطلب السلوك الإجرامي لجريمة القتل العمد ارتكاب الجاني فعلا ماديا وإيجابيا يكون هو السبب في إزهاق روح الضحية ، ولا يهم شكل أو وسيلة العنف المادي المجرم هنا وهذا يعني ضرورة توفر ثلاثة عناصر تقليدية في الركن المادي للجريمة بصفة عامة، وتتمثل في فعل الاعتداء على الحياة يؤدي إلى نتيجة إجرامية هي وفاة المجني عليه، وقيام العلاقة السببية بين الفعل الإجرامي.

    الفقرة الأولى: النشاط الإجرامي.
    إن المشرع في أي نظام جنائي لا يعاقب على النوايا المضمرة مهما كانت خبيثة وخسيسة لئيمة ذلك أن النية الإجرامية لا تشكل لوحدها وبذاتها خطورة على الحياة العامة مادامت في ضمير صاحبها بل حتى ولو افتضحت هذه النية شفويا أو كتابيا أو بأية وسيلة أخرى وتأكدت لدى القاضي بثبوتها فإن صاحبها لا يمكن أن يتابع بجريمة القتل العمد أو بالشروع فيه مادامت في ضمير الشخص ولم تخرج إلى حيز الوجود لأن قانون العقوبات لا يريد بل وليس من حقه أن يتعمق في سبر أغوار النفس الإنسانية لأنها ليست محل عمله .

    وترتيبا لذلك فالقتل يتطلب سلوكا إراديا ملموسا في العالم الخارجي من شأنه إحداث الموت فإذا تحققت النتيجة ( الوفاة) كانت جريمة القتل تامة وإن لم تتحقق لأسباب خارجة عن إرادة الجاني كانت الجريمة محاولة أو شروعا . والمشرع المغربي كما يستفاد من نص المادة 392 ق .ج لم يضع تحديدا لفعل الاعتداء ولم يعتد بشكله فكل سلوك يصلح في نظره ليكون فعلا في الركن المادي للقتل ما دام قد أدى إلى إزهاق روح إنسان آخر وكل ما يهم في الفعل أن يكون صالحا لإحداث الوفاة حيث لا تهم الوسيلة المستخدمة لإحداث القتل لقيام الجريمة فمثلا من يلطم شخصا على وجهه فيموت لا يصح أن نسأله عن جريمة القتل إن أنكر ذلك يسأل عن ضرب أفضى إلى الموت ، ولو أن هذا الفعل لا يؤدي عادة إلى إزهاق الروح، كما أن استعمال سلاح أبيض أو ناري أو حارق أو آلة الإطلاق غاز خانق أو تسليط جراثيم فتاكة على دم المجني عليه أو إلقاءه من مكان عال بقصد قتله … الخ تعتبر كلها أفعالا مكونة للركن المادي في القتل العمد لأنها كلها تؤدي إلى إزهاق الروح عادة .

    كما يمكن أن يكون النشاط إيجابيا أو سلبيا أي ( الامتناع) ولقد سوى المشرع المغربي بينهما من حيث ترتيب المسؤولية الجنائية للعقاب ، غالبا ما يتخذ فعل الاعتداء صورة إيجابية تتمثل في حركة عضلية تدفعها إلى وجود إرادة شخص معين ونحو ذلك : ضرب المجني عليه بعصا غليظة على الرأس أو طعنه بخنجر في صدره أو إطلاقه رصاصة عليه أو صعقة بتيار كهربائي أو حقنة بمادة سامة أو خنقه أو إغراقه ،وقد يكون الفعل سلبيا يتخذ صورة ترك أو امتناع عن إتيان فعل إيجابي يوجب القانون على الشخص أن يأتيه ونحو ذلك الممرضة التي تمتنع عن إعطاء المريض الدواء الذي وصفه له الطبيب فيموت أو امتناع المولدة عن ربط الحبل السري للولد فيموت ،فكل من يمتنع من هؤلاء عن التدخل لانقاد المجني عليه بنية قتله يسأل عن قتل العمدي.

    إذن فالعبرة من نص المادة 392ق.ج بمعاقبة كل من تسبب في قتل الغير هي بتحقق الرابطة السببية بين فعل الاعتداء والنتيجة لا يهم بعد ذلك أن يكون الفعل قد ارتكبه الجاني بنفسه مباشرة أو بصورة غير مباشرة . فالذي يطلق أفعى أو كلب شرسا أو إنسان غير مسؤول كالمجنون أو الحدث غير المسؤول على أخر بنية أن يقتله يعاقب كقاتل متعمد ويعتبر قاتلا أيضا من اتخذ من الضجة نفسه وسيلة القتل فمن يرغم شخصا بالإكراه على قتل نفسه أو يوحي إليه بأن السلك الكهربائي غير صاعق ولا خطير فيمسكه فيموت يعتبر مرتكبا لجريمة القتل العمد.
    ومتى كان نشاط الجاني كاف عادة لأحداث الموت فإنه يعتبر قرينة على وجود نية القتل ما لم يثبت المتهم العكس أما إذا كانت وسيلة الاعتداء على الضحية غير كافية عادة لأحداث الوفاة وترتب عنها مع ذلك الموت فإن على النيابة العامة لإثبات وجود نية القتل لدى الجاني وإلا كانت الجريمة مجرد ضرب أو جرح أو عنف أفضى إلى موت حيث تطبق عليه المادة 403من ق.ج.

    الفقرة الثانية : النتيجة الإجرامية
    تتمثل النتيجة الإجرامية التي تتم بوقوعها جريمة القتل في وفاة المجني عليه .
    والوفاة كعنصر في الركن المادي في القتل لازم لقيام الجريمة لا تغني عنها أي نتيجة أخرى مهما كانت بليغة ويجب أن يكون المجني عليه الذي أزهقت روحه إنسانا إذ لووجه النشاط الذي أدى إلى القتل –بنوعيه-إلى حيوان فلا يمكن أن تقوم الجريمة حتى لو كان يظن الجاني أنه يقتل إنسانا وليس حيوانا.
    وإذا كانت النتيجة الإجرامية في القتل لا تحقق قانونا إلا بتوقف حياة المجني عليه توقفا تاما ونهائيا فإن تحديد الأعراض التي يستنتج منها توقف الحياة تماما أمر يدخل في صميم اختصاص الطب الشرعي.

    ولا يشترط حصول الوفاة عقب السلوك الإجرامي مباشرة وإنما قد يتحقق ذلك إثر النشاط وقد يتراخى تحقيقه زمنا،وفي حالة وقوع هذه النتيجة فعلا فإنه ليس ثمة ما يمنع من اعتبار الواقعة قتلا عمدا مادامت العلاقة السببية بين النشاط والنتيجة قائمة ومادام قصد القاتل ثابتا.وإذا لم تقع الوفاة وثبت توافر القصد الجنائي عدت الواقعة محاولة قتل إذا أوقفت الجريمة أو خاب أثرها لسبب لا دخل لإرادة الفاعل فيه ،فإذا أطلق المتهم عيارا ناريا على المجني عليه بقصد قتله فأصابه في غير مقتل أو لم يصبه على الإطلاق اقتصرت مسؤوليته على الشروع في القتل ،وكذلك الأمر بالنسبة لمن يطعن غريمه بسكين قاصدا قتله ولكن يتم إسعافه بالعلاج أما إذا تخلفت الوفاة راجعا إلى إرادة الجاني بحيث أوقف نشاطه أو خيب أثر فعله بإرادته متى كان ذلك ممكنا فإن المتهم لا يسأل حتى عن مجرد المحاولة على اعتبار أن عدم تحقق النتيجة راجع إلى إرادته مما يعد عدولا اختياريا ينتفي معه وجود الشروع قانونا طبقا للفصل 114ق.ج.وغني عن البيان أنه إذا انتفى القصد الجنائي لدى المتهم ووقعت الوفاة فإن الجريمة توصف بكونها ضربا أفضى إلى الموت .وإذا كانت الوفاة يجري إثباتها عادة بالخبرة الطبية فإن من الجائز تقريرها بكافة الوسائل ومن بينها القرائن البسيطة .
    كما لا يلزم تقديم شهادة بالوفاة أو التحقق من هوية القتيل تماما وإنما يصح رفع الدعوة الجنائية من أجل القتل رغم عدم العثور على جثة القتيل التي قد يفلح الجاني أو غيره في إخفائها عن أعين السلطات بأي وسيلة من الوسائل .
    وطبقا للقواعد العامة فإن عبأ إثبات وفاة المجني عليه يقع على عاتق النيابة العامة باعتبار الوفاة عنصرا في الركن المادي في جريمة القتل.

    الفقرة الثالثة: العلاقة السببية
    لا ينتفي صدور نشاط مؤذ من الجاني وموت الضحية لقيام الركن المادي لجريمة القتل بل يجب أن يتوفر إلى جانب ذلك وجود علاقة سببية بين ذلك النشاط وبين موت الضحية.
    ويقصد بالعلاقة السببية ارتباط النتيجة الإجرامية وهي موت الضحية بنشاط الجاني ارتباط المعلول بعلته بحيث يكون ذلك النشاط هو الذي نشأ عنه موت الضحية وفقا للضوابط التي يسري عليها الوجود في هذا الكون.

    والعلاقة السببية قد تكون واضحة لا يثور الجدل بشأنها كما في الحالات التي يستعمل فيها الجاني الوسائل المميتة عادة ويترتب عنها الموت فورا كقتل الضحية عن طريق الخنق أو الإغراق أو الصعق الكهربائي أو بالطعنات أو الضربات النافدة إلى القلب أو المخ…الخ، ولكنه في بعض الأحيان قد تكون هذه العلاقة غير ظاهرة إما بسبب اشتراك أسباب أجنبية مع نشاط الجاني في موت الضحية هذه الأسباب التي قد تكون سابقة على فعل الاعتداء أو لاحقة له مثل :التداوي أو الخطأ فيه، وإما بسبب طبيعة نشاط الجاني نفسه كما إذا كان هذا النشاط مجرد امتناع أو اقتصر على التأثير المعنوي على نفس الضحية أو كانت الوسيلة المستعملة في الاعتداء غير كافية لإحداث الموت حسب العادي من الأحوال ولم يثبت في نفس الوقت وجود أسباب أجنبية ساعدت على الوفاة.

    والتساؤل الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو:
    هل تقطع هذه العوامل الأجنبية عن فعل الجاني رابطة السببية بين فعله وحدوث النتيجة الجرمية(الوفاة) بعد أن تداخلت بينهما وأسهمت بدورها في أحداث النتيجة الضارة ؟ أم أن الجاني يظل مسؤولا عن النتيجة الحاصلة رغم تدخل هذه العوامل؟ وهل ثمة من ضابط أو معيار يمكن الاستعانة بت للقول بتوافر رابطة السببية أو عدم توافرها ؟
    إن المشكل هنا يرتبط بحالة تعدد الأسباب وليس بحالة تسلسل النتائج لجرمية حيث تكون النتيجة الجرمية واحدة لم تتعدد ولم تتعاقب ، والأسباب أو العوامل هي التي تعددت وتداخلت في إحداث هذه النتيجة.

    ولقد كانت دراسة السببية ولا سيما في حالة تعددها مبحثا لاجتهادات فقهية هامة وتتلخص الاتجاهات الفقهية السائدة في هذا الخصوص في ثلاث اتجاهات :
    اتجاه (نظرية) السببية المباشرة-اتجاه السببية المناسبة أو الملائمة-اتجاه تعادل الأسباب.
    + اتجاه السببية المباشرة: مقتضى هذا الاتجاه ألا يسأل الجاني عن النتيجة التي حصلت إلى إذا كانت متصلة اتصالا مباشرا بفعله .
    فالسببية على هذا النحو تتطلب نوعا من الاتصال المادي بين الفعل والنتيجة فهي لا تعترف إلا بالارتباط المباشر والمحقق بينهما .
    ويبدو هذا الاتجاه من أكثر الاتجاهات تضييقا لنطاق السببية ومراعاة للمتهم وقد أخد عليه أنه يؤذي إلى إفلات الجاني أحيانا من عواقب أعماله إذا ما تداخلت إلى جانبها عوامل أخرى ولو بقسط يسير أو بصورة مألوفة.
    + تجاه السببية المناسبة أو الملائمة : هذا الاتجاه يرسم للسببية نطاق أوسع من سابقه وتنسب هذه النظرية في المقام الأول إلى الفقيهين الألمانيين”humelui-vonkries” وبمقتضاها أن الفعل الصادر عن الجاني لا يعتبر سببا لوقوع نتيجة جرمية معينة إلا إذا تبين أن هذا الفعل صالح الأحداث تلك النتيجة وفقا للمجرى العادي للأمور ويعتبر فعل الجاني سببا مناسبا أو ملائما للنتيجة التي حصلت إذا كان كافي بذاته لحصولها مادامت ظروف الحال تنبؤ بأنه قد توقعها وبصرف النظر عن العوامل الأجنبية والتي تكون قد توسطت بين فعله والنتيجة النهائية ومن تم فإن السببية الملائمة لا تكتفي بوجود رابطة طبيعية بين السلوك والنتيجة وإنما تتطلب في السلوك مواصفات خاصة وهي أن يملك الإمكانيات الموضوعية لتحقق النتيجة بحيث تبدو هذه متوقعة وفقا للمجرى العادي للأمور.
    فالعبرة في هذا الاتجاه إذن هي بكون النتيجة ممكنة وعادية مع مراعاة الأمور و العوامل التي حدثت فإن تداخل في مجرى الحوادث عامل شاد أو استثنائي-انقطعت رابطة السببية كما كان موت المصاب قد حصل نتيجة إحراق المستشفى الذي نقل إليها .
    وتعد هذه النظرية من أكثر النظريات شيوعا سواء في الفقه أو القضاء في تحديد السببية لكن يؤخذ عليها مع ذلك كونها لا تخلو من التحكم فاعتبار النتيجة متوقعة أم شاذة مع مراعاة الظروف التي حدثت فيها مسألة تقديرية يختلف فيها تقدير الناس ولا يصح أن تبنى أحكام القانون الجنائي على أسس تحكمية.
    + اتجاه تعادل الأسباب: تقوم هذه النظرية على أساس المساواة بين جميع العوامل التي ساهمت في أحداث النتيجة الإجرامية ذلك أن هذه النتيجة ما كانت لتحدث لو تخلف عامل واحد من هذه العوامل ،إذ فكل عامل من هذه العوامل سواء كان يتوقعه الجاني أم لم يكن يتوقعه وسواء كان حدوثه وفقا للمجري العادي للأمور أم كان شذوذا في مجراها العادي وتطبيقا لهذه النظرية فالجاني مسؤول عن فعله حتى ولو ساهمت معه في أحداث النتيجة عوامل أخرى طبيعية كضعف المجني عليه الصحي وإصابته بمرض سابق كان مازال يعاني منه أو من أثاره أو غير طبيعية كالخطأ الجسيم للطبيب المعالج أو إهمال المجني عليه الجسيم في علاج نفسه ذلك بأن فعل الجاني هو الذي حرك هذه العوامل الأخرى وأوجد ظروفها بحيث لولاه لما كانت صالحة لإحداث النتيجة .

    بل إن العوامل الشادة وفقا لهذه النظرية لا تنقص من مسؤولية الجاني،فانقلاب السيارة التي أقلت المجني عليه وهو في طريقه إلى المستشفى لا تنفي مسؤولية الفاعل عن الجريمة ذلك أنه لو لم يقع منه الاعتداء لما ركب المجني عليه السيارة أو لما ذهب إلى المستشفى وبالتالي فإن النتيجة ما كانت لتحدث.
    غير أن هذه النظرية وإن كانت تقوم على أساس منطقي إلا أن عيبها هو أنها لا تقوم على أساس عادل لأنه حقا أن النتيجة التي حدثت هي محصلة عوامل متعددة وحقا أن تخلف عامل واحد من هذه العوامل كان يمكن أن يؤدي إلى عدم حدوثها وحقا أن فعل الجاني كان هو السبب المحرك للعوامل الأخرى، ولكن دلك لا ينفي أنه يوجد من بين هذه العوامل عامل أقوى في تأثيره من الأخر، ويوجد من بين هذه العوامل عوامل طبيعية وأخرى غير طبيعية وعوامل متوقعة واخرى غير متوقعة لذلك فإذا أقمنا المساواة بين هذه العوامل جميعها فقد خرجنا على مبدأ العدالة وبالتالي أخذنا الجاني بأكثر مما يستحق وربما كان هذا السبب لقلة أنصار هذه النظرية في الفقه وإعراض القضاء عنها .
    ومهما يكن هناك من آراء فقهية حول الأخذ بالسبب المباشر أو السبب الملائم والمناسب أو تعادل الأسباب وتكافئها فإننا نميل إلى القول بعدم تقييد القاضي بأي معيار من المعايير الموضوعية المجردة وانه ينبغي ترك أمر استخلاص العلاقة السببية لقاضي الموضوع يبحث فيها كل قضية حسب وقائعها وملابساتها وعليه أنه يبين الوقائع التي استنبط منها وجود أو انتقاء العلاقة السببية حتى يتأتى لقاضي النقض أن يراقب سلامة الاستنتاج الذي انتهى إليه قاضي الموضوع من الوقائع الثابتة أمامه .

    وبعبارة أخرى فإن قاضي الموضوع يتثبت من الوقائع المكونة للعلاقة السببية وله أن يستعين في ذلك بكل الوسائل القانونية المفيدة وفي مقدمتها الخبرة الطبية ويرجع إلى سلطته التقديرية وإلى اقتناعه الوجداني الفاصل في ثبوت أو عدم ثبوت تلك الوقائع ولا جدال في هذا كما أنه لا جدال في ضرورة ذكر ما ثبت لديه من وقائع في الحكم لأن ذلك يدخل في التعليل الواجب الأحكام .
    كما جاء في قرار المجلس الأعلى ” وحيث إن القرار المطعون فيه الذي أدان العارض بجناية الضرب والجرح العمريين المؤديين إلى الموت دون نية إحداثه وعاقبه من أجل ذلك بخمس سنوات حبسا، اقتصر في حيثياته المتعلقة بالدعوى العمومية على تعليل وجه اقتناع المحكمة بحضوره واقعة المضاربة ومشاركته فيها، دون أن يبرز ثبوت العلاقة السببية التي هي عنصر من عناصر الجريمة وأن الضرب الواقع على المجني عليه كان هو السبب المباشر في موته فجاء بذلك ناقص التعليل ومنعدم الأساس القانوني مما يتعين معه نقضه وإبطاله” .
    لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو ما مدى رقابة قاضي النقض على أحكام القاضي؟
    من المسلم به أن الحكم يكون معيبا وبالتالي معرضا للنقض إذا لم تذكر فيه الوقائع التي استخلص منها قاضي الموضوع العلاقة السببية وكذلك إذا كان الاستنتاج غير سليم كما إذا كانت العلاقة السببية التي قررها تتعارض أو تتناقض مع وقائع أثبتها الحكم نفسه – لكن إذا اقتصر قاضي الموضوع على ذكر بعض الوقائع واعتبرها كافية لإثبات العلاقة السببية أو لنفيها بينما يرى قاضي النقض عدم كفايتها هل يحق له أن يتدخل وينقض الحكم ؟
    نعم يحق له التدخل لأن ذلك يعتبر نقصا في التعليل وقاضي النقض يحق له رقابة تعليل الأحكام وأساسها القانوني ( م 586 – فقرة أخيرة من المسطرة ) بالإضافة إلى أن علاقة السببية مصطلح قانوني يراقب قاضي النقض قاضي الموضوع في سلامة تطبيقه .

    جريمة القتل العمدويبدو أن المجلس الأعلى يسير في هذا الاتجاه وإن نص في بعض قراراته على أن البث في العلاقة السببية يرجع إلى قاضي الموضوع بما له من السلطة المطلقة في تقدير الوقائع.
    كما جاء في قرار المجلس الأعلى” يكون ناقص التعليل وغر مبني على أساس قانوني الحكم القاضي بإدانة المتهمين من أجل محاولة القتل عمدا والمشاركة فيها من غير أن يبين أن محاولة هذه الجناية التي شرع في تنفيذها بإخراج طلقة نارية صوب الضحية لم يحصل الأثر المتوفى منها إلا لظروف خارجة عن إرادة مرتكبها .
    وأيضا في قرار آخر عدد 1067 الذي جاء فيه ما يفيد :” إن عدم كفاية وسائل الإثبات لا يمكن أن يفضي إلى النقض ما دام أن عرض أدوات الإثبات غير مقرر تحت طائلة البطلان وأنه لا يشكل إجراءا جوهريا. إن كان الحكم لم يبرز الظروف المشددة للسرقة فإن العقوبة المحكوم بها تبقى مع ذلك مبررة بما ثبت ثبوتا كافيا من قتل الضحية عمدا ومع سبق الإصرار من أجل إعداد وتسهيل اقتراف السرقة.
    لا تقبل أمام المجلس الوسيلة التي لا تخرج عن كونها مجادلة في حجج الإثبات التي حظيت بقبول قضاة الموضوع في مادة لم يحدد فيها القانون وسائل إثبات معينة .

    المطلب الثاني: الركن المعنوي:
    الركن الثاني في جريمة القتل العمد هو القصد الجنائي ومعناه أن تتجه إرادة الجاني إلى إتيان النشاط الصادر منه (إيجابيا كان أم سلبيا) وإلى النتيجة الإجرامية المقصودة من ذلك النشاط التي هي إزهاق روح المجني عليه. فجناية القتل العمد لا تقدم قانونا ولا يعاقب عليها إلا إذا ارتكبت عن قصد وعمد(الفصل 133ق.ج.). إذن فالقصد الجنائي هو قوام الركن المعنوي في جريمة القتل العمد وبانتفائه تنتفي الجريمة بهذا الوصف، فبواسطته يمكن التمييز بين حالات القتل العمد (الفصل 392ق.ج.) والقتل الخطأ (الفصل 432ق.ج.) والإيذاء المفضي إلى الموت (الفصل 403ق.ج.) حيث أن الفعل الذي يفضي إلى إزهاق الروح يتأثر بمدى اتجاه إرادة الفاعل إلى إحداث النتيجة أم لا .

    الفقرة الأولى : عناصر القصد الجنائي
    لقد جاء في قرار المجلس الأعلى على أنه “يجب على الحكم في حالة الإدانة من أجل القتل عمدا، أن يثبت أنا المعتدي قد فكر بالفعل في هذه النتيجة وأنه قام بالعمل المنسوب له من أجل الحصول عليها” و أقضية القضاء تشترط لقيام ركن معنوي في القتل العمد ضرورة توافق قصد عام لدى الجاني الذي يتمثل في توجيه لإرادته إلى القيام باعتداء على إنسان حي ،مع العلم بحقيقة ما يقوم به وقصد خاص وهو استهدافه من ذلك الاعتداء إزهاق روح المعتدي عليه وإلا ما قامت جريمة القتل العمد بينما يرى البعض الأخر أن القصد الجنائي في هذه الجريمة هو القصد الجنائي بمفهومه المتطلب في كافة الجرائم مهما كانت والذي يقوم على عنصرين أولهما :هو العلم بجميع الوقائع والظروف التي أحاطت بارتكاب الجريمة أي أن يكون الجاني محيطا إحاطة تامة بحقيقة الواقعة المجرمة واقعيا وقانونيا وهذا يقتضي علمه بأنه يوجه فعل الاعتداء إلى إنسان حي وأن هذا الفعل يشكل خطورة على حياة المجني عليه وأن من شأنه إحداث الوفاة وثانيهما:الإرادة أي أن يهدف الجاني إماتة الشخص يمنع القانون قتله ولابد أن تكون إرادة الإنسان حرة حتى تترتب المسؤولية الجنائية فإذا لم تكن حرة كما لو ارتكب القتل قوة قاهرة كالإكراه أو تحت تأثير تنويم المغناطيسي أو نائم ،أو كما انقلبت الأم على وليدها النائم إلى جانبها فخنقته. الإرادة الحرة ينتفي وبالتالي لا يتحقق ركن المسؤولية المعنوي

    الفقرة الثانية : الحالات التي لا ينتفي فيها القصد الجاني في جريمة القتل العمد .
    متى توفرت نية القتل لدى الجاني فلا يؤثر قيام الجريمة وقوع خطأ في شخص المجني عليه ،سواء كان هذا الخطأ ناشئ عن خطأ في الشخص من وقع عليه الفعل أو عن خطأ في توجيه الفعل ،فإن جميع العناصر القانونية للجريمة تكون متوفرة في الحالتين كما لو وقع الفعل على ذات المقصود ذلك أن القصد من تجريم فالمشرع للقتل هو حماية النفس الإنسانية عموما ،كمن يصطاد في غابة فيرى شبحا بين الأشجار فيعتقد أنه غزال أو حيوان فيطلق عليه النار ،فإذا به إنسان لم يراه.

    هناك حالات أخرى لا ينتفي فيها القصد العمد نجملها فيما يلي:
    + إذا كان الباعث لدى الجاني بريئا ونبيلا بحد ذاته كالقتل بدافع الشفقة أو الرحمة l’enthouasie. ذلك أن الباعث على إزهاق الروح حتى ولو كان كما سبق فإنه يتساوى مع الباعث الخسيس وإن كان القاضي يأخذ ذلك بعين الاعتبار عند تقدير العقوبة.

    + حالة اتجاه نية الفاعل تتجه إلى ارتكاب القتل ،لكن دون تحديد لشخص معين أي دون أن يستهدف بعدوانه ضحية معينة ونحو ذلك :الشخص الذي يلقى قنبلة على تجمع لخصومه السياسيين بقصد قتل أي منهم .فالقصد الجنائي يتحقق عنده إذا ثم القضاء على أي من هؤلاء الخصوم ويعد بالتالي قاتلا عمدا.+ القصد الجنائي لدى الفاعل لا يؤثر فيه قتل الجاني لمجني عليه غير ذلك الذي كان يقصده ابتداء إما نتيجة غلط في شخصيته -أي شخصية المجني عليه-كما لو قتل شخص اعتقده عدوه في حين لم يكن هذا القتيل سوى مجرد شبيه لهذا العدو وأما عن خطأ ونحو ذلك أن يرمي شخص عدوا له بقنبلة حارقة فيخطئه وتصيب غيره وتقتله نية القتل عند الجاني لا تعتبر منتفية قانونا ولو أنها انتفت واقعيا في كل حالة فرض القانون قيامها بنص من النصوص ونحو ذلك أن يصدر فعل القتل جاني تعاطي باختياره لمواد أفقدته الإدراك كالخمر أو المخدرات بمختلف أنواعها مثلما ما نص عليه الفصل (137من ق.ج.) “السكر وحالات الانفعال أو الاندفاع العاطفي أو الناشئ عن تعاطي المواد المخدرة عمدا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعدم المسؤولية أو ينقصها”.

    لكن ما الحكم لو أن الجاني توقع حصول الموت كنتيجة ممكنة ومحتملة لفعله الذي قام به فاستمر في نشاطه غير عابئ به فهل يعتبر مرتكبا لجريمة قتل عمد لتوفر القصد الجنائي لديه أم لا ؟
    إن الجواب عن هذا السـؤال يقـودنا للحديث عن القصد الاحتمالي في جريمة القتل .
    القصد الجنائي يفترض أن يقدم الجاني عن فعله وهو يريد تحقيق النتيجة الإجرامية منه فإذا حدثت هذه النتيجة فإن مسؤولية الجاني تكون تامة بلا خلاف أما إذا لم يرد الجاني تحقيق النتيجة ورغم ذلك حدثت فإنه لا يسأل مسؤولية عمدية ولكن بين وجود الإرادة وعدمها توجد درجات من الاحتمال أو إمكان توقع النتيجة فهل يسأل الجاني في هده الأحوال مسؤولية عمدية إذا أحدثت النتيجة وفي هذا الصدد يمكن التمييز بين ثلاث صور للقصد الاحتمالي.

    الصورة الأولى : إذا توقع الفاعل أن الموت أمر محقق ولازم لفعله ومع ذلك يقدم عليه فإنه يسأل مسؤولية القتل العمد وليس عن جريمة القتل الخطأ أو الإيذاء المفضي للموت وذلك لأن الركن المعنوي قائم لديه في هذه الصورة ولو أنه لم يرد النتيجة وهذا بإجماع الفقه على اعتبار أن من كان متأكدا مسبقا من أن نشاطه لابد وأن تترتب عنه النتيجة وبالكيفية التي انتهت إليها ومع ذلك اقدم عليه فيعامل وجوبا مثله من أراد النتيجة بالفعل ونحو ذلك أن يقوم الجاني بإغراق سفينة أو قلب قطار لأي هدف كان ويترتب عن ذلك موت عدة أشخاص فالجاني في حالة إغراقه للسفينة أو نسفه للسكة الحديدية بغرض قلب القطار قد لا يكون هدفه قتل أحد من الركاب ولكن هذا القتل لازم لفعله بحسب المجرى العادي الأمور .

    الصورة الثانية : إذا توقع الجاني حصول وفاة ومع ذلك يقبل هذا الاحتمال ويمضي في فعله مخاطرا وغير مكترث لما سيحدث ونحو ذلك أن يضرب شخص آخر على رأسه بفأس أو آلة حادة أو بعصا غليظة فيموت المجني عليه في حين نتيجة لذلك فالجاني في هذه الصورة أراد الضرب فقط ولكن هذا الضرب أفضى إلى الموت وهذا الموت أمر لا شك في أن يكون الجاني قد توقعه لما استعمل في الضرب تلك الوسائل الخطيرة ولكنه لم يبالي إذا تساوى لديه حدوث النتيجة من عدمها .

    وحكم هذه الصورة اختلف في شأنه الفقهاء فمنهم من يرى بأن الجاني يسأل كقاتل عمدا ما دام قد أتى الفعل رغم أنه كان قد توقع النتيجة ومع ذلك لم يبالي بالعواقب فيكون من ناحية خطورته الإجرامية مساويا لمن يستهدف مباشرة حدوث النتيجة ولذلك يعتبر أنه قد تعمد في إحداثها في حين يرى فريق آخر أن القصد الاحتمالي في هذه الحالة لا يمكن مساواته بالقصد الذي ينبغي أن يتوفر في القتل العمد وإنما يسأل –الجاني- فقط عن جريمة ضرب أو جرح أو إيذاء أفضى إلى الموت .
    الصورة الثالثة : إذا توقع الفاعل النتيجة كاحتمال ممكن وقوعه إلا أنه يعتمد على مهاراته في تفاديها أو منع حدوثها فإن القصد الجنائي لديه منتف أصلا ونحو ذلك أن يضع أحد لاعبي السيرك كأسا يحتوي على شمعة مستعملة على رأسه أو ماشاكل ذلك كهدف أو مرمى ويقوم زميل له برمي هذا الهدف بسهم أو ببارود أو أحجار الخ … ويحصل ذلك أثناء رشق الهدف أن يخطئ الراشق أو الهداف الهدف (الشمعة المستعملة فيقتل الضحية فاللاعب في هذا المثال لما كان يرشق الهدف كان يتوقع ولا شك أن يخطئه ويصيب زميله إلا أنه مع ذلك جازف وخاطر في إتيانه اللعبة اعتمادا على ما لديه من المهارة والتجربة إلا أن المؤكد هو أنه لو كان يعتقد بأنه سيزهق روح زميله لما قام بالرشق أبدا والفقه المتفق على أن الفاعل لا يسأل إلا عن جريمة قتل خطأ في هذه الحالة لا نعدم القصد الجنائي لديه.
    المدير
    المدير
    Admin


    عدد المساهمات : 131
    نقاط التمييز : 2147483647
    الرتبة : 0
    تاريخ التسجيل : 05/02/2009

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي Empty رد: جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي

    مُساهمة  المدير 2011-12-17, 10:58



    crime de meurte: عاقب المشرع المغربي على جريمة القتل العمد في صورتها البسيطة في السجن المؤبد ومن الواضح أن هذه العقوبة ذات حد واحد مما يقيد من السلطة التقديرية للقاضي في مجال تطبيقها بحيث لا يبقى أمامه إذا ما أراد النزول عن هذا الحد إلا إعمال مقتضى الفصل 164.ح.م الذي يقرر الظروف [...]

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي – بحث جامعي وإحصائيات
    الفصل الأول: جريمة القتل العمد

    المبحث الثاني: عناصر العقاب على القتل العمد
    [...] القضائية المختلفة إذا كان يوجد في ملابسات ارتكاب الجريمة أو في درجة إجرام المتهم ما يبرر ذلك وفي حالة تمتع الجاني بهذه الظروف فإن للقاضي النزول بعقوبة السجن المؤبد إلى عقوبة السجن من عشر إلى ثلاثين سنة (ف. 147 /2)
    ولما كان القتل العمد جريمة جنائية كان ثمة عقوبات إضافية تطبق على مرتكبها إما بصفة وجوبية أو اختيارية ،هذا ويلاحظ أن جرائم القتل العمد لا تثير لدى الرأي العام درجة واحدة من الاستهجان، فإذا كان بعضها مما يهتز له الشعور العام بقوة ويبدي بشأنه مزيدا من السخط والتقزز واعتبارا لما صاحب الجريمة من ملابسات تفصح عن مدى استفحال الجريمة لدى الفاعل أو بالنظر إلى الصفة الوحشية للوسائل المستعملة في التنفيذ مثله فإن بعضها الأخر في ظروف ينم تحليلها عن خضوع الفاعل لقوى معينة دفعته إلى الجريمة دفعا مما يستدعي التخفيف من مسؤوليته .
    وأمام هذا الاختلاف البين في الحالات المعروضة لا يجد المشرع الوضعي بدا من تنويع الجزاءات المستحقة وفق ما يقتضيه مبدأ تفريد العقاب .
    وهكذا وتطبيقا لهذا المبدأ فقد نص المشرع المغربي في حالات محددة من القتل العمد على بعض الأعذار القانونية المخففة يترتب عن توافر شروط تطبيقها تقرير عقوبة أخف من السجن المؤبد المقرر في الفصل 392 م ق ج كما نص في حالات أخرى على بعض الظروف المشددة ترفع بها العقوبة من السجن المؤبد إلى الإعدام.
    وسنعرض في هذا المبحث للظروف المشددة في القتل العمد (مطلب أول) ثم للإعذار القانونية المخفقة (مطلب ثاني ) .المطلب الأول : الظروف المشددة في القتل العمد

    قد تقترن جريمة القتل العمد بإحدى ظروف التشديد فتشدد تبعا لذلك العقوبة فتكون هي الإعدام وليس السجن المؤبد. وترجع أسباب هذا التشديد إما إلى اقتران القتل العمد بجناية (ف392 ق ج)أو ارتباط القتل بجناية أو جنحة (ق 392 ق ج). وقد يرجع هذا التشديد إلى نفسـية الجـاني وقصده ونعني به سبق الإصـرار (ق 393 ف ج) وقد يرجع هذا التشديد إلى نفسية الجاني وقصده ونعني به سبق الإصرار (ف 393 ق ج ) وقد يتعلق بكيفية تنفيذ القتل ويندرج في هذا النوع الترصد ( ف 393 ق .ج) والتسميم (ف 393 ق ج) كما قد يرجع هذا التشديد إلى صفة المجني عليه : قتل الأصول (ف 396 ق ج ) وقتل الأطفال الذين يقل سنهم عن الثانية عشرة بالضرب أو الجرح أو العنف أو الإيذاء أو يتعمد حرمانهم من التغذية أو العناية ( ف.416) .

    الفقرة الأولى : اقتران القتل بجناية concomitance du meurte avec un crime
    عاقب المشرع بالسجن المؤبد القاتل عمدا (م 392 ق.ج ) إلا أنه شدد عليه العقوبة في نفس الفصول إذا أقرنه بجناية حيث قال ” لكن يعاقب بالإعدام في الحالتين الآتيتين:
    إذا سبقته أو صحبته أو أعقبته جناية أخرى … ” وهذا مماثل لنص المادة 304 الفرنسية والمادة 234 المصرية.
    وحالة اقتران القتل العمد بجناية والتي قرر لها المشرع عقوبة الإعدام – تشكل في الحقيقة استثناء من الأحكام العامة في تعدد الجرائم والتي يقضي الجاني في هذه الحالة بالعقوبة المقررة للجناية الأشد ( ف 120ق ج ) وعلة تشديد هذا الظرف تبدو جلية فالشخص الذي لا يتورع عن ارتكاب جريمتين خطيرتين خلال فترة زمنية محدودة يكشف بذلك عن شخصية إجرامية خطيرة لا تبالي بارتكاب أشد الجرائم خطورة خلال وقت قصير .
    ولكي تشدد عقوبة جريمة القتل العمد في هذه الحالة ينبغي أن يقترن القتل العمد المرتكب من طرف الجاني بجناية الاقتران معناه المصاحبة الزمنية (الاقتران الزمني) بين ارتكاب الجاني للقتل العمد وارتكابه لجناية أخرى سواء قبل إنجاز القتل أو أثناءه أو بعده.
    وتقتضي المصاحبة الزمنية توفر رابطة زمنية بين جريمة القتل العمد والجناية الأخرى التي اقترنت بها وتطلب هذه الرابطة الزمنية يتفق وعلة تغليظ العقاب في هذه الحالة لأن إقدام الجاني على اقتراف جريمتين في فترة قصيرة من الزمن إنما يدل على انحراف واضح في السلوك وخطورة مؤكدة على سلامة التعايش الاجتماعي.لم يحدد القانون طول الفترة الزمنية لذلك فإن تقديرها متروك لقاضي الموضوع غير أن المنطق يقتضينا القول بأنه كلما كان تقارب في الزمن بين القتل والجناية فإن الاقتران يكون أوضح وكلما بعد الزمن بينهما كان هناك شكوك حول
    عرافة الفاعل في الإجرام الخطير وقامت قرينة بسيطة على العكس
    ومادام النص يشترط اقتران القتل العمد بجناية أخرى فلا بد أن ترتكب جناية القتل العمد مستوفية لأركانها وعناصرها القانونية ثم أن يقترن هذا القتل بجناية أخرى وهذا هو مناط التشديد وأن تكون هذه الجناية مستقلة عن القتل العمد في جميع أركانها فلو ارتكبت جناية خطف قاصر المنصوص عليها في الفصل 471 ثم قتل عمدا شددت عقوبته إلى الإعدام لأن خطف قاصر يصبح بالنسبة للقتل سببا مشددا .
    ولكن إذا كان الفعل نفسه يقع تحت نصين فإن الجناية المقارنة لا تعتبر مستقلة ولذلك لا تشدد عقوبة القتل فلو أطلق الجاني النار على شخص وهو ينوي قتله فأخطأه وأصاب شخصا بجواره فقتله فإن الفاعل يكون هنا في حالة اجتماع جرائم معنوية لا في حالة اقتراف جناية بقتل عمد .
    والقانون استعمل عبارة ” جناية أخرى ” دون أن يحدد نوع هذه الجناية فيستوي أن تتعلق هذه الجناية بجرائم الاعتداء على الأشخاص (كمحاولة القتل مثلا أو الإيذاء العمدي المفضي إلى عاهة دائمة…) أو بالجرائم الماسة بالأموال (كالسرقة المشددة مثلا ف.507 وما بعدها أو بجرائم المساس بأمن الدولة أو الإخلال بالثقة العامة ،كتزوير المحررات الرسمية من قبل الموظف العمومي ومن في حكمه …)
    ويثور في هذا الصدد تساؤل عن الحل الواجب في ما إذا كانت عقوبة الجنائية التي اقترنت بالقتل العمد قد خففت إلى عقوبة جنحية فهل نعتبر في هذه الحالة الجرمية التي خفف عقابها جناية أم جنحة فقط في تطبيق الفصل 392ق.ج ؟
    والجواب أنه إذا كان التخفيف لظرف من الظروف القضائية المخففة المتروكة لرأي القاضي فإن طبيعة الجريمة لا تتبدل وبالتالي تظل هذه الجناية جناية ولو خففت عقوبتها (الفصل 112)و لذلك تظل سببا مشددا للقتل العمد ولكن إذا كان التخفيف ناشئا عن عذر معف أو عذر مخفض فإن طبيعة الجناية تتبدل فلا تعود جريمة معاقبة أو تصبح جنحة.ولذلك لا تظل معتبرة ظرفا مشددا وهذا الرأي مستنتج أيضا من نص الفصل 112 ومن هذه الأعذار القانونية المخففة عذر الاستفزاز وحداثة السن وأما فقدان الإدراك والإرادة وقت الفعل فعذر معف من المسؤولية (الفصل 76)ولكن ضعفهما يوجب المسؤولية الناقصة (الفصل 78). وتتحقق مسؤولية القاتل الذي اقترن قتله بجناية إذا كان مساهما في القتل ومشاركا في الجناية أو كان مشاركا في القتل ومساهما في الجناية فليس مهما إذن أن يكون هو الذي باشر القتل العمد بل المهم أن تتحقق مسؤوليته في مساهمته بأي وصف كان .
    والخلاصة أن الذي يرتكب جناية من الجنايات هو مجرم لا يخلو من نظر فإذا ارتكب جناية قتل عمد فإنه يعطي الدليل على شدة خطره لذلك رأى الشارع أن يخلص المجتمع منه نهائيا .

    الفقرة الثانية: ارتباط القتل العمد بجناية أو جنحة Corrélation du meurtre avec un crime ou un délit
    نص المشرع على سبب التشديد هذا في الفقرة الأخيرة من ف.392 ق.ج. والتي تقضي بأنه : “…إذا كان الغرض منه –أي من القتل العمد –إعداد جناية أو جنحة أو تسهيل ارتكابها أو إتمام تنفيذها أو تسهيل فرار الفاعلين أو شركائهم أو تخليصهم من العقوبة ”
    وهذا النص يشابه المادة 234 والمادة 304 الفرنسية ولكن يضيف لفظ الجناية في حين أنها لا تتحدثان إلا عن الجنحة.وقد يبدو أن النص المغربي تفادى بذلك نقصا ولكن إذا أمعنا النظر في حالة الارتباط لوجدنا أن الذي يرتكب جناية ولو لم تكن مقترنة بالقتل العمد يعاقب بالإعدام فإذا ارتبطت به كان الوضع القانوني متحققا أيضا. ويفترض التشديد في هذه الحالة أيضا تعدد الجرائم مع وجود رابطة سببية بينهما .أن الجاني لا يرتكب القتل لذاته وإنما يفارقه تحقيقا لغرض إجرامي أخر كأن يقتل الجاني المجني عليه في السرقة ليتمكن من الفرار بالمسروقات أو يقضي على من يشاهده يرتكب السرقة كي يتخلص من شاهد إثبات ضده.وأساس التشديد في هذه الحالة هو اعتبار المشرع أن الجاني الذي لا لايقف إجرامه عند جناية القتل بل يتركب إلى جوارها جريمة أخرى إنما يدل على نفسية خطرة ينبغي أن يهدد بالإعدام حتى يرتدع فإن لم يرتدع فلا مفر التخلص منه كما ترجع علة التشديد إلى دناءة الغاية التي من أجلها ارتكب جناية القتل العمد :إن القتل المرتبط بجناية أو جنحة أي المرتكب تمهيدا لها أو تسهيلا لفرار أحد المساهمين فيها أو الحيلولة بينهم وبين العقاب لا يكون مقصودا لذاته وإنما باعتباره وسيلة لارتكاب جريمة أو الخلاص من عقوبتها وفي ذلك ولاشك استخفاف بأرواح العباد واستهتار بالقيم المختلفة التي يتعرض لها الجاني بفعله.
    يستفاد من نص الفقرة الأخيرة من ف:392 ق.ج أن ظرف ارتباط القتل العمد بجناية أو جنحة يتطلب أن يكون موضوع القتل أو الهدف منه حسب المشرع هو إعداد جناية أو جنحة أو تسهيل ارتكابها أو إتمام تنفيذها أو تسهيل فرار الفاعلين أو شركائهم أو تخليصهم من العقوبة وبعبارة أخرى يشترط أن يكون القتل هو الوسيلة لتحقيق أحد هذه الأهداف وليس العكس .
    ويمكن تلخيص هذه الشروط في ما يلي :
    - أن يتم ارتكاب جناية القتل العمد بأركانها وعناصرها كاملة كما سبق عرضها في مبحث سابق .
    - أن يستهدف الجاني بهذا القتل تحقيق إحدى الغايات المنصوص عليها قانونا على سبيل الحصر وهي اتباعا:
    +الإعداد والتحضير لارتكاب جناية أو جنحة أيا كنت.
    + تسهيل ارتكاب جناية أو جنحة : ويكون باتخاذ الأسباب التي تضع الفاعل في ظروف ملائمة تجعل ارتكاب ميسورا ولكنه لم يدخل بعد في مباشرة التنفيذ وهكذا يبدو واضحا أن التسهيل قريب جدا من الأعداد لأنهما مرحلتان سابقتان لتنفيذ الجريمة الثانية كمن يقتل حارس مرآب للسيارات بقصد تسهيل سرقة السيارات.
    وفي هذا المعنى جاء قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 21 نونبر 1968 ” إن كان الحكم لم يبرز الظروف المشددة للسرقة فإن العقوبة المحكوم بها تبقى مع ذلك مبررة بما تبث ثبوتا كافيا من قتل الضحية عمدا مع سبق الإصرار من أج إعداد وتسهيل اقتراف السرقة ”
    +إتمام تنفيذ الجناية أو الجنحة: يعني أن الفعل باشر تنفيذ الجناية أو الجنحة و لكنه تعثر فلم يار بدا من القتل والمثال على ذلك أن يشرع الجاني في سرقة متجر ليلا فيداهمه صاحبه أو أي شخص أخر فيقتله ويتم السرقة.
    +تسهيل قرار الفاعلين أو شركائهم أو تخليصهم من المسؤولية الجنائية : وتفترض هذه الصورة أن الجناة ألقوا تنفيذ الجناية أو الجنحة فلو ارتكب شخص أو أشخاص جريمة أخلاقية وحضـروا له المجنـي عليه بعد أن علم بمكان اختطافه وكان مسلحا فلم يتمكن الجناة من الفرار فقام واحد منهم أو شخص لا علاقة له بالجريمة الأخلاقية وقتله فإنه يعاقب عقوبة مشددة لأنه ينوي تسهيل فرار الجناة .
    أما تخليصهم من العقوبة فيكون على الأغلب بطمس معالم الجريمة كقتل الشاهد أو إحراق الفتاة التي اعتدي على عفافها ابن القاتل مثلا حتى لا يكشف الطبيب الشرعي أدلة الجناية.
    وعموما فإن ظرف الارتباط لا يتحقق إلا إذا اتخذ الجاني القتل وسيلة لتحقيق إحدى هذه الغايات فإذا لم يقم هذا الارتباط الذهني-بين القتل والجريمة الأخرى-في ذهن الجاني فلا يتحقق هذا الظرف المشدد فلو ارتكب الجاني مثلا الجناية أو الجنحة ثم اقترف القتل بعد ذلك فلا يقوم ظرف الارتباط لأن القتل هنا ليس وسيلة وإنما هدف بحد ذاته وإن كان يمكن تحقق ظرف تشديد أخر إذا توافرت عناصره وشروطه كظرف الاقتران مثلا إذا كانت الجريمة الأخرى المقترنة بالقتل تكون جناية في نظر القانون.
    وعلى هذا يكون هذا الظرف المشدد سببا شخصيا لأنه متعلق بهدف الفاعل وعلمه لذلك لا تشدد عقوبة الشركاء الذين ساهموا وشاركوا في القتل إذا لم يكونوا بأنه كان ينوي من القتل الوصول إلى ارتكاب الجناية أو الجنحة حتى ولو ارتكبت بحضورهم أو بمساهمتهم .

    الفقرة الثالثة : سبق الإصرار Préméditation
    شدد المشروع عقوبة القتل العمد إذا كان مرفوقا بظرف سبق الإصرار (م393 ق.ج) وعرف هذا الأخير في المادة 394 ق.ج فقال :” سبق الإصرار هو العزم المصمم عليه قبل وقوع الجريمة على الاعتداء على شخص معين أو على أي شخص قد يوجد أو يصادف حتى ولو كان هذا العزم معلق على ظرف أو شر ط :” وهذا التعريف يقابل تعريف المادة 231 من قانون العقوبات المصرية.
    ومن خلال التعريف السابق يظهر الفرق الجلي بين القتل العمد البسيط وبين القتل العمل المقترن بسبق الإصرار ، هو أن القاتل العمد يرتكب جريمة فور تقريره ارتكابها كان يكون في ساعة غيظ فيثور من خبر مؤلم أو من تصرف يؤذيه فيهاجم ضحيته ويقتله أما القتل مع الإصرار فإن القاتل يفكر وأعصابه هادئة ويستقر رأيه بعد تردد أو بدوم تردد ويزن النتائج ويتخذ قراره بالقتل ويبدأ بإعداد العدة له ثم ينفذه فعلا فالأول ضعيف الإرادة مندفع أما الثاني فذو عزيمة لا تلين وإجرام متأصل من نفسه، ولذلك كان خطره أشد على المجتمع فعاقبه الشارع بالإعدام ليتلخص منه نهائيا ويرد على إصراره بعقوبة جريمته .
    وكما يتضح من خلال المادة 394 أنه لكي يتوافر هذا الظرف يلزم تحقق عنصرين أولهما نفسي – في الجاني – والآخر زمني وينصرف إلى المدة التي يتخذ فيها العزم والتصميم على الجريمة واقترانها بالفعل.
    والمقصود بالعنصر النفسي أن الجاني فكر في مشروعه الإجرامي بهدوء أعصاب و روية وقدر العواقب التي تنجم عن إتيانه لهذا المشروع ورضاه بتحمل نتائج فعلته لينتهي بعد هذا التفكير والتقدير للعواقب والرضا بتحمل النتائج إلى العزم على تنفيذ مشروعه الإجرامي المتمثل في إزهاق روح الضحية.
    أما بالنسبة للعنصر الزمني فهو مرور فترة ما من الزمن بين التصميم والتنفيذ وهذه المدة هي الدليل على رسوخ التصميم في نفس القاتل وبدونها لا يمكن الحكم مطلقا بوجود الإصرار، لقد اكتفى المشرع باستعمال عبارة” العزم المصمم عليه قبل وقوع الجريمة”، ومن هنا فإنه لا أهمية لطول هذه المدة أو قصرها وقد ترك حل موضوع الإصرار للقاضي الذي ينظر في الدعوى واعتمد على حسن إحاطته بالوقائع ليستخلص منها وجود الإصرار أو عدمه والمهم أن يتحقق القاضي أن هذا الشخص قد فكر بهدوء، وروية حين اتخذ قراره ومرت فترة من الوقت على هذا القرار وكانت كافية لخلاصه من الهياج الذي ينتاب القاتل العمد الذي لا يستطيع أن يتروى فيما هو مقدم عليه ،وفي هذا المعنى جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 14 يونيو 1988 ” سبق الإصرار كعنصر قانوني تستخلص المحكمة توافره أو عدم توافره من وقائع النازلة التي تستقل بتقديرها تبعا لسلطتها في التقدير التي لا تخضع لرقابة المجلس الأعلى ” .
    وفي الأخير يجب الإشارة إلى أن سبق الإصرار ظرف ذاتي أو شخصي ومن تم فلا يسري إلا على من توفر فيه من الجناة –مساهمين كانوا أم شركاء – عملا بالفقرة الثانية من المادة 130 ق ج والتي جاء فيها ” لا تؤثر الظروف الشخصية التي ينتج عنها تشديد أو تخفيف أو إعفاء من العقوبة إلا بالنسبة لمن تتوافر فيه ” وعليه فلو توافر ظرف الإصرار عند أحد الجناة في القتل دون غيره من المساهمين أو المشاركين فإنه يعاقب وحده بالإعدام أما الباقون فتطبق في حقهم عقوبة السجن المؤبد هذا ما لم يتوافر لأحد المساهمين أو المشاركين شخصي العزم المصمم عليه على ارتكاب القتل حين تطبق في حقه عقوبة الإعدام بدوره حتى ولو نفذ واقعة القتل على أحدهم فقط .

    الفقرة الرابعة: الترصد
    عرف الفصل 395 ق.ح الترصد بقوله :” الترصد هو التربص فترة طويلة أو قصيرة في مكان واحد أو أمكنة مختلفة بشخص قصد قتله أو ارتكاب العنف ضده”
    لقد شدد المشرع العقاب في حالة الترصد لكونه وسيلة تسهل للجاني تنفيذ جريمته غيلة وغدرا وفي غفلة من المجني عليه حيث يفاجئه فيفتك به ويغتاله بغثة دون أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه فما يدل على خطورة شخصية الجاني ودناءة فعله فهو يتخير الظروف الملائمة لتنفيذ جريمته ويجبن عن مواجهة غريمه ويفضل طعنه من الخلف في نذالة وجبن .
    وبناءا على التعريف السابق فإن الترصد يقوم على عنصرين هما : عنصر مكاني وعنصر زمني .
    -عنصر مكاني : وهو يتحقق قانون يتربص الجاني بهدف القضاء على المجني عليه في مكان واحد أو عدة أمكنة . وذلك أنه قد يفلت –أي المجني عليه- من الجاني المتربص به بالمكان الأول فينتقل هذا الأخير لمكان آخر بقصد الإجهاز على المعني عليه وهكذا ….
    والمكان ورد في النص مطلقا ولذلك يستوي فيه أن يكون ظاهرا كالطريق العام أو السوق أو غير ظاهر كالاختباء وراء الشجرة أو حائط المهم هو أن يقبع الجاني في أي مكان كان انفرد هذا الأخير وتعدد بقصد إزهاق روح المجني عليه لكي يتحقق ظرف الترصد .
    فإذا كان الوضع العادي للمترصد هو الاختباء والتستر إلا أن ذلك ليس أمرا لازما. ولذلك يعتبر الجاني مترصدا إذا وقف في طريق الضحية مخفيا سلاحه ورآه هذا الأخير من بعيد ولكن دون أن يبدو ومنه ما ينبئ عن التهيؤ للعدوان ولما اقترب منه باغته بسلاحه وقتله .
    وعنصر زمني: ويعني انقضاء فترة من الزمن والجاني ينتظر أن تسمح له الفرصة بقتل الضحية وهذه الفترة لم يحددها المشرع بزمن محدد . حيث المهم هو أن تمر مدة قد تطول كما قد تقصر والجاني ينتظر الفرصة كمرور المجني عليه أو خروجه من داره أو من إدارة أو مغادرته لحقل … الخ لينفذ مشروعه الإجرامي.
    وعموما فإن الترصد واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها واستخلاص عناصرها في ضوء كل قضية على حدة، وفق ظروفها وملابساتها.
    بيد أن تكييف الوقائع وما إن كانت تشكل ترصدا أم لا تخضع لرقابة المجلس الأعلى الذي يتحقق من توافر عناصر الترصد القانونية.
    مقارنة بين الترصد وسبق الإصرار.
    إن الترصد بطبيعته يعتبر من الظروف العينية فهو يتعلق بماديات الجريمة وكيفية تنفيذها ويستخلص من الوضعية المكانية للجاني-المتربص- أثناء تهيئة لتنفيذ الاعتداء وبالتالي فهو يسري على جميع المساهمين والمشاركين ولو كانوا يجهلونه (الفصل 103 ق .ج) وهو في هذا يختلف عن سبق الإصرار الذي يعد ظرفا شخصيا لا شأن له بكيفية تنفيذ الجريمة.
    وترتيبا لذلك فإن الترصد يعد ظرفا ماديا تتحقق به المحاولة حيث يهدف مباشرة إلى ارتكاب الجريمة في حين لا تتصور المحاولة في نطاق ظرف سبق الإصرار لأنه عمل ذهني صرف لا وجود له في العالم الخارجي.
    وفي الحياة التطبيقية لا يكاد يتحقق الترصد دون أن يتضمن عناصر سبق الإصرار لأن التربص يكون عادة بعد فترة من تقرير الاعتداء فيتحقق بذلك سبق الإصرار ومع ذلك فإنه قد يحدث أن يوجد الترصد دون سبق الإصرار .
    وبصفة عامة فإن الترصد يتحقق وحده دون سبق الإصرار في جميع الحالات التي تقصر فيها فترة التربص الذي يقوم بها الجاني فور تقريره للاعتداء إذ في هذه الحالات لا تكفي الفترة القصيرة الفاصلة بين تقرير الاعتداء وبين تنفيذه
    إضافة إلى هذا الارتباط الغالب بين الظرفين في الوقائع العملية يجتمعان كذلك في كونهما ظرفين للتشديد ف جرائم الاعتداء على الأشخاص عموما أي في القتل العمد وفي جرائم الضرب والجرح والعنف والإيذاء العمديين.

    الفقرة الخامسة : قتل الأصول
    نص المشرع على جريمة قتل الأصول في الفصل 396 من القانون الجنائي بقوله :” من قتل عمدا أحد أصوله يعاقب بالإعدام “.
    ويلاحظ في البداية أن بعض القوانين تعاقب قاتل فروعه بنفس العقوبة كالقانون السوري والقانون اللبناني وبعض القوانين لا تنص على اعتبار قتل الأصول أو الفروع من الظروف المشددة لجريمة القتل العمد كالقانون المصري .
    إن معاملة الأصول وعلى الأخص الأبوين بالإحسان من الأحكام التي اتفقت الشرائع السماوية والأنظمة الاجتماعية على الأخذ بها وفي القرآن الكريم أكثر من الآيات تفرض معاملة الأبوين بالمعروف قال تعالى :{ وقضى ربك ألا تعبد إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهر هما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغير } .
    إن الوالدين هما اللذان يبدأن بالإحسان مع الولد بالعناية به والسهر على تربيته، ومعيشته فوجب أن يقابلهما بنفس المعاملة بعد كبره والاستقلال بنفسه وإذا حاد عن هذا السلوك الواجب عليه. وتجاوز ذلك إلى تعمد قتلهما وإزهاق روحهما فلا جدال أنه يعتبر عاقا وجاحدا لما أسدياه إليه من معروف واستحق عقوبة الإعدام لأن من تنكر لأبويه وداس بتصرفه الأحمق عاطفة الأبوة والأمومة لا ينتظر منه خير للمجتمع ويكشف سلوكه هذا عن تحجر مشاعره فكأنه ذلك المجرم الذي تطلق عليه المدرسة الوضيعة اسم ” المجرم الطبيعي” لا يرجى له علاج ولا سبيل لوقاية المجتمع من خطره إلا إعدامه.
    والمقصود بالأصول في القانون المغربي الأب والجد وإن علا والأم والجدة وإن علت ويشترط في هذه القرابة أن تكون شرعية من جهة الأب، أما من جهة الأم فيكفي فيها القرابة الطبيعية وقد جاءت المادة 146 مؤكدة لذلك بحيث سوت بين الأمومة الشرعية للأم بأمومتها الطبيعية خلاف للأب وهكذا فإن من يقتل أمه غير الشرعية الطبيعية يعاقب بالإعدام في حين أن من قتل أباه غير الشرعي بالتبني مثلا- أو أحد أصوله يعاقب بالسجن المؤبد وليس بالإعدام وطبقا للقواعد العامة وللرأي السائد في الفقه بالنسبة للجهل بظروف التشديد فإن الولد لا يتعارض لتشديد العقوبة إلا إذا كان عالما بظرف التشديد أي علاقة النسب فإذا كان يجهل أن الضحية من أصوله عوقب على القتل العمد لا غير لا يؤخذ بجناية قتل الأصول . وإذا أراد قتل الغير وأخطأ الهدف فقتل أحد أصوله خضع لعقوبة القتل العمد فقط لأنه لم تكن لديه نية إزهاق روح أحد أصوله ووجود هذه النية ضروري للمؤاخذة بجناية قتل الأصول .
    إن ظرف التشديد في قتل أحد الأصول ظرف شخصي لأنه يتعلق بعلاقة النسب التي تربط القاتل بالقتيل ولا علاقة له بالواقائع المادية للجريمة وبناءا على ذلك طبقا للمادة 130 لا يسري هذا الظرف إلا على من توفر فيه أي الذي تربطه بعلاقة الأبوة دون باقي المساهمين والمشاركين معه في الجريمة.
    وإذا ارتكب القتل أجنبي وشاركه الابن في هذا القتل هل يعاقب الابن بالمادة 396؟ إن الابن في هذه الحالة يعاقب بالمشاركة في القتل العمد لا غير لأن المادة 396 تغلظ العقوبة بالنسبة ل ” من قتل أحد أصوله ” والمشارك غير القاتل .

    المطلب الثاني: الأعذار المخففة لعقوبة القتل العمد.
    نص المشرع المغربي على حالات معينة تخفض فيها عقوبة القتل العمد العادية المنصوص عليها في المادة 392 وذلك لبعض الاعتبارات التي استجاب لها أهم هذه الحالات:
    + قتل الأم لوليدها (م 397)
    + القتل المرتكب نتيجة استفزاز ناشئ عن اعتداء بالضرب أو العنف الجسيم(م 416)
    + قتل الزوج لزوجته وشريكها عند مفاجأتهما متلبسين بالخيانة الزوجية (418م) .
    + القتل المرتكب نهارا لدفع تسلق أو كسر سور الحائط أو مدخل منزل أو بيت مسكون أو أحد ملحقاتهما (417م )
    وسنعرض للحالات الثلاث الأولى نظرا لأهميتها وخصوصياتها.
    الفقرة الأولى : قتل الأم لوليدها.
    تقضي المادة 397 ق.ج في فقرتها الثانية بأن : ” …. إلا أن الأم سواء كانت فاعله أصلية أو مشاركة في قتل وليدها تعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر ولا يطبق هذا النص على مشاركيها ولا على المساهمين معها”.
    اقتبس القانون المغربي هذا العذر المخفف من القانون الفرنسي الذي خص الأم بالتخفيف في حالة قتل وليدها اعتبارا للدفع الذي يكون عادة التستر على عرضها الذي دنسته بالحمل من سفاح فالأصل أن يتعلق القتل بالوليد غير الشرعي أما الولد الشرعي فمن غير المألوف أن تقدم الأم على قتل لأن عاطفة الأمومة أقوى من أي وازع إجرامي.
    وإذا كان المشرع المغربي لم يصرح بذلك فإن تشريعات جنائية أخرى نصت على ذلك صراحة كالقانون الجنائي السوري الذي نص في المادة 537 على أنه : ” تعاقب بالاعتقال المؤقت الوالدة التي تقدم اتقاء العار على قتل وليدها الذي حبلت به سفاحا ولا تنقض العقوبة عن خمس سنوات إذا وقع الفعل عمدا”.
    وقد تطورت النصوص التشريعية التي تعاقب على قتل الوليد –أو الطفل المولود حديثا – تطورا مهما فهي لم تكن في بادئ الأمر عملا تحرمه الأعراف أو تعاقب عليه الشرائح حيث كان الأطفال في المجتمعات البدائية القديمة يقتلون كما يقتل الشيوخ والعجزة تخلصا من أعبائهم وبعامل الفاقة والعوز الاقتصادي.
    وقد عرف العرب في الجاهلية وأد البنات حتى جاء الإسلام فحرم هذه العادة السيئة الشنيعة وقد جاء القرآن الكريم مؤكدا لذلك :{ لا تقتلوا أولا دكم خشية إملاق نحن نرزقكم وإياكم وإن قتلهم كان خطئا كبيرا “.
    شروط قيام هذا العذر:
    المشرع المغربي خفف العقوبة على الأم فقط في حالة قتلها لطفلها الوليد دون غيرها كالجدة أو الأب … الخ ، ومن ثم وجب أن تقوم علاقة الأمومة الطبيعية بين الطفل والوليد والقاتلة وهذه العلاقة وحدها تكفي للتخفيف ولا حاجة إلا اشتراط أن يكون الوليد نتيجة علاقة زوجية شرعية ، وإن كان هذا نادرا الحدوث على المستوى الواقعي إذا أن عاطفة الأم أقوي من أن تقدم على فعل مشين كهذا.
    لكن ما هي الفترة التي يعتبر فيها القتيل “وليدا” ؟
    لم تحدد المادة 397 الوقت الذي تبتدئ فيه مرحلة الوليد والوقت الذي تنتهي فيه.
    فبالنسبة لوقت ابتدائها فالرأي السائد في الفقه يقول بانتهاء مرحلة ” الجنين” الذي تحميه النصوص المتعلقة بالإجهاض ببدء عوارض المخاض واستعداد الجنين للانفصال عن جسم أمه، وبناءا على ذلك فإن نص المادة 397 يطبق على الأم إذا قتلت الوليد بعد أن أحسست بعوارض المخاض ولو لم يغادر رحمها بعد.
    أما بالنسبة لوقت انتهاء مرحلة ” الوليد” فإن المشرع لم يحددها أيضا وترك الأمر لاجتهاد المحكمة فالمقصود بالوليد إذن الطفل الحديث الولادة الذي لم يمضي زمن طويل على ولادته حيث إذا مر زمن طويل فإن الأم تفقد التمتع بالعذر المخفف لأن الوليد بعد أن يمارس الحياة المستقلة عن جسم الأم فإنه يصبح طفلا.
    وعلى العموم فإن مثل هذا التحديد – تحديد الفترة التي تمتد فيها مرحلة الوليد ينطوي على أهمية بالغة اعتبار الدقة وخطورة النتائج المترتبة عن ذلك ، ذلك أن العذر المخفف في حال قتل الأم لوليدها أو تطبيق الظرف المشدد بالنسبة لقتل ” الطفل ” حيث تطبق عقوبة الإعدام في هذه الحالة (م 410 ق .ج).
    ويعتبر عذر التخفيف المنصوص عليه في ( م 397 ق ج) هو عذر خاص بالأم وبالتالي فهو عذر شخصي لا تستفيد منه إلا الأم دون باقي المساهمين أو المشاركين معها في قتل الوليد (م 130) ق 2.

    الفقرة الثانية : القتل المرتكب نتيجة استفزاز ناشئ عن اعتداء بالضرب أو العنف
    قرر المشرع هذا العذر في المادة 416 ق ج الذي جاء فيها ” يتوفر عذر مخفف للعقوبة إذا كان القتل أو الجرح أو الضرب قد ارتكب نتيجة استفزاز ناشئ عن اعتداء بالضرب أو العنف الجسيم على شخص ما .
    انطلاقا من هذا النص يتضح لنا أن علة التخفيف في حالة الاستفزاز تكمن في تلك الحالة التي يكون فيها الجاني تحت تأثير انفعال يفقده السيطرة العادية على نفسه فيندفع لارتكاب الجريمة تحت تأثير ذلك الأفعال وحتى يتوافر العذر المخفف للعقوبة لا بد من تحقيق نوعين من الشروط تتعلق بالاعتداء وشروط تتعلق برد الفعل .
    أولا : الشروط المتطلبة في الاعتداء .
    - أن يوجه الاعتداء ضد الجاني أو ضد شخص غيره .
    لم يشترط القانون أن يكون الاعتداء موجها ضد شخص الجاني فقط، وإنما يستوي أن يكون الاعتداء موجه ضد شخص الجاني أو ضد أي شخص آخر، ذلك أن الإنسان كما يمكن أن يستفز من اعتداء موجه ضد شخصه. فيمكن أيضا أن يستفزه اعتداء موجه إلى شخص آخر حتى ولو لم تكن تربطه به أي علاقة إذ بلغ هذا الاعتداء درجة من الجسامة لم يكن لها مبرر . كما لو كان ضحية الضرب أو العنف طفلا صغيرا أو شيخا مسنا أو ذا عاهة.
    - أن يكون الاعتداء بوسيلة معينة هي الضرب أو العنف الجسيم
    لكي يقوم عذر الاستفزاز يتعين أن يصدر من المستفز ضرب أو عنف ” جسيم ” ضد الجاني القاتل أو ضد شخص آخر.
    والضرب يعني المساس الجسد وقد يكون ذلك باليد أو الرجل أو بعصا أو غير ذلك ومن باب أولى يتحقق الاعتداء بالجرح، أما العنف فيتسع لصور عديدة من السلوك التي تمس جسد الإنسان كتقيده أو جبسه في مكان معين أو محاولة إجباره على سلوك لا يريد أن يأتيه وقد حاول القضاء الفرنسي تفسير الضرب والعنف تفسيرا واسعا حتى يشمل كل أنواع الإيذاء والتهديد و محاولة التعدي على الشرف والعرض ذلك أنه في الحياة العملية كثيرا ما تعرض وقائع وتصرفات بعيدة عن الضرب والجرح ومع ذلك تحدث من الغضب والهيجان في نفس من توجه إليه مالا يحدث الضرب أو العنف كأعمال التحرش المرفقة بعبارات التحقير والإهانة التي يقوم بها المستفز أمام العموم . ولكن ما هو معيار الجسامة في هذه الحالة؟ يعتقد بعض الفقه أن هذه المسألة تحددها محكمة الموضوع أخذة في اعتبارها كافة الملابسات والظروف التي وقع فيها الحادث سواء منها الموضوعية التي تتعلق بهذا الضرب أو العنف الذي تعرض له الشخص والاعتبارات المختلفة التي كان فيها الجاني أثناء ارتكابه لجريمة وفقا لمعيار الشخص المتوسط في مثل ظروف الفاعل .
    -أن يكون الضرب أو العنف الجسيم غير مشروع.
    وهذا واضح في تسمية المشرع “…. استفزاز ناشئ عند اعتداء بالضرب أو العنف الجسيم إذا كان الضرب أو العنف مشروعا لما سمي ( اعتداء) كأن يكون الضرب أو العنف تنفيذا العقوبة محكوم بها على الشخص أو أن يكون العنف صادر من رجل سلطة في حدود سلطته المسموح له بها قانونا ففي هذه الحالات لا يتوفى العذر المخفف إذا وقعت الجريمة .
    ثانيا : الشروط المتطلبة في رد الفعل :
    -أن يوجه رد الفعل ضد المعتدي .
    حتى يتحقق العذر المخفف للعقوبة في حالة الاستفزاز يجب أن يقع رد الفعل على المستفز نفسه لا غيره حتى ولو كان هذا الأخير تربطه بالمعتدي قرابة أو صلات وثيقة كأن يكون ابنه أو زوجه أو شقيقه.
    -أن يقع رد الفعل عقب أعمال الاستفزاز مباشرة
    هذا العنصر وإذا لم ينص عليه القانون صراحة ، ولكن تقتضيه طبيعة الاستفزاز من جهة كما يستفاد من جهة ثانية من عبارة ” استفزاز ناشئ عن اعتداء بالضرب أو العنف” التي تقيد ضرورة توافر العلاقة السببية بين الاعتداء وبين رد الفعل وهذه العلاقة السببية تتحقق إذا قام الجاني برد الفعل الفوري ضد الاعتداء أما إذا تراخى رد الفعل إلى أن اختفى الانفعال وحالة الانفعال فإن العلاقة السببية تنعدم .
    فالمشرع إذا كان قد خول الجاني المستفز هذا العذر فذلك مراعاة منه للحالة النفسية والعصبية التي يكون عليها هذا الأخير بعد تعرضه للاعتداء أما إذا مرت فترة من الزمن على ذلك بحيث استقرت حالته بعد ذلك وهدأت فلا يتوافر له هذا العذر ولا يستفيد منه وعموما فإن قاضي الموضوع هو الذي يستقل بالتثبت في حدوث رد الفعل داخل مرحلة الانفعال أم انتهائها مع ضرورة تبيانه في حكمه الوقائع التي استخلص منها هذه النتيجة أو تلك حتى لو يكون حكمه قاصر ناقص التعليل .
    إن هذا العذر المخفف في حالة الاستفزاز يعتبر ظرفا شخصيا لكنه يقوم على الانفعال الذي تحدثه أعمال الاستفزاز في نفس الجاني وبالتالي لا يستفيد منه إلا من توفر فيه من المساهمين أو الشركاء ( م : 130 ف ق 2 من ق ج ) .

    الفقرة الثالثة : قتل الزوج لزوجته وشريكها عند مفاجأتهما متلبسين الخيانة الزوجية
    تنص المادة 418 من القانون الجنائي على أنه ” يتوفر عذر مخفف للعقوبة في جرائم القتل أو الجرح أو الضرب إذا ارتكبها الزوج ضد زوجته وشريكهما عند مفاجأتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية ” . أساس هذا العذر هو الاستفزاز الناتج عن الاعتداء على عرض الزواج وشرفه وقد قصره القانون على الزوج دون الزوجة اقتباسا من القانون الفرنسي وعلة ذلك أن هول المفاجأة يكون أشد على الزوج من غيره. فالزوجة تتأثر ولا شك بمفاجأة زوجها متلبسا بالخيانة الزوجية وكذلك الأب بالنسبة لابنته والأخ بالنسبة لأخته ، ومع ذلك فإن القانون لم يمنعهم العذر المخفف إذا ارتكبوا جريمة قتل ( مالم يكن أحدهم رب أسرة فيعذر جرائم الضرب والجرح دون نية القتل) و ( 420) ق ج لأنه اعتبر وقع مفاجأة عليهم لا يفقدهم السيطرة على ضبط أعصابهم بخلاف الزوج فإن انفعاله يكون أكثر حدة وتأثير.
    شروط توافق هذا العذر
    يتمتع الفاعل –الزوج- بعذر مخفف في هذه الحالة إلا إذا توافرت شروط ثلاثة: صفة الجاني : والذي يتعين أن يكون زوجا للمرأة الزانية المجني عليها والشرط الثاني مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا والشرط الثالث أن يرتكب القتل في الحال أي أثناء مفاجأة)
    أولا صفة الجاني :
    قصر المشرع هذا العذر على الزوج وحده فلا يستفيد غيره من الأشخاص مهما كانت درجة قرابته بالزانية إخوة كانوا أم أبناء أم أباء .
    ولا يمنح القانون الزوجة هذا العذر إذا فاجأت زوجها متلبسا بالزنا وقتلته هو أو شريكته وقد يبدو وضع بهذا الشكل منتقدا لأن الحكمة من التخفيف متوافرة هنا أيضا لتوافر ظرف الاستفزاز لدى الزوجة في هذه الحالة، وينبغي في هذه الحالة أن تكون العلاقة الزوجية قائمة أثناء ارتكاب الجريمة وفقا لما جاء في مدونة الأسرة الجديدة .
    ثانيا : مفاجأة الزوج لزوجته متلبسة بالزنا
    هذا الشرط هو أساس علة التخفيف فمفاجأة الزوج لزوجته متلبسة بالزنا هي التي تولد لديه الاستفزاز الذي يفقده السيطرة على نفسه ويجعله يندفع إلى فعله وحيثما انتهى عنصر المفاجأة بالنسبة للزوج فلا يستفيد هذا الأخير من العذر وتتحقق المفاجأة في صورتها الكاملة إذا كان الزوج واثقا من إخلاص زوجته ثم وجدها متلبسة بالزنا أو كان لديه شك أو شبهات في سلوكها ثم ضبطها .
    ويحب أن يشاهد الزوج ماله التلبس بنفسه ولا يكفي أن يخبره الغير لذلك الاستفزاز الذي يبرر قيام العذر لا يتوفر في هذه الحالة ويتحقق التلبس حيث لا يكون مجال الشك في الزنا.
    ثالثا: ارتكاب جريمة القتل أثناء ( فورا) المفاجأة)
    مؤدى هذا الشرط ان يتزامن عنصر المفاجأة وما يترتب عليه من استفزاز مع ارتكاب القتل وهذا التعاصر الزمني هو الذي يتفق مع حكم تخفيف حيث يعتبر القتل حينئذ رد فعل للثورة التي اجتاحت نفسية الزوج من هول المفاجأة على أن اشتراط ارتكاب القتل في الحال لا يعني حتما أن يتم القتل في نفس لحظة المفاجأة وإنما يظل الشرط متوافرا ولو مضى بين المفاجأة والقتل بعض الوقت الذي استغرقه حصول الجاني على سلاح ينفذ به فعله .
    أما إذا مرت فترة الزمن على مشاهدته زوجته متلبسة بالزنا استرجع خلالها كامل هدوؤه فلا محل لتخفيف فإذا اعمد الزوج بعد ذلك إلى ارتكاب القتل فإن فعله هذا يعد على حد القول بعض الفقه انتقاما هادئا وليس اندفاعا تحت تأثير الثورة النفسية .

    الفقرة الرابعة : عقوبة القتل العمد المقترن بالعذر القانوني المخفف .
    إذا توافرت شروط العذر القانوني فإن العقوبات تحفظ طبقا للمادة 423 من ق ج إلى الحبس من سنة إلى 5 سنوات في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام عندما يقترن قتل العمد بطرف من ظروف التشديد أو السجن المؤبد ( إذا كان القتل العمد عاديا) هذا مع مراعاة مقتضيات المادة 422 ق ج التي استثنت ظرف قتل الأصول الذي لا يستفيد فيه الجاني مطلقا من أي عذر قانوني مخفف للعقوبة .
    وبالنسبة لقتل الأم لوليدها ، فهي وإن كانت تستفيد من العذر القانوني المخفف إلا أن العقوبة في هذه الحالة تبقى عقوبة جناية ( السجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات)وليس عقوبة جنحية (الفقرة الثانية من المادة 397 ق ج) وطبقا للمادة 112 ق ج فإن نوع الجريمة لا يتغير إذا حكم بعقوبة متعلقة بنوع آخر من أنواع الجرائم لسبب تخفيف أو لحالة العود.
    وبناءا على هذا النص فإن قيام العذر المخفف إذا كان يخفض العقوبة فإنه بالمقابل لا يغير من وصف الجريمة فتبقى جريمة القتل بوصفها القانوني الأصلي ” جناية” تخضع لأحكام المطبقة على الجنايات في حين تخضع العقوبة المخففة وهي عقوبة جنحية لأحكام المطبقة على العقوبات الجنحية.
    المدير
    المدير
    Admin


    عدد المساهمات : 131
    نقاط التمييز : 2147483647
    الرتبة : 0
    تاريخ التسجيل : 05/02/2009

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي Empty رد: جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي

    مُساهمة  المدير 2011-12-17, 11:00

    4Share

    تطرقنا في الفصل الأول من بحثنا جرائم القتل العمد، ما كان منها بسيطا، وما كان مشددا أو مخففا، وغرضنا في الفصل الثاني، أن نعالج أحكام جرائم القتل الخطأ التي تعتبر كذلك من الجرائم الواقعة على حياة الإنسان وسلامته.

    فمن المسلم به أن القتل العمد يتفق والقتل الخطأ الذي يسمى أحيانا بالقتل ” غير العمدي ” في أن محل الجريمة في كل منهما هو الإنسان الحي، كما يتفقان في إن النشاط الذي يقوم [...]

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي – بحث جامعي وإحصائيات
    الفصل الثاني: القتل الخطأ

    [...] به الجاني يفضي في كل الأحوال إلى وفاة المجني عليه ، فالنتيجة الإجرامية هي واحدة، سواء القتل عمدا أو خطأ، ولكن التشابه لا يتجاوز هذه الوجوه التي ذكرنها، حيث سرعان ما يبدو الاختلاف صريحا وواضحا في الركن المعنوي، فبينما يوجه الجاني إرادته في جرائم القتل العمد إلى الفعل وإلى النتيجة الإجرامية الناتجة عن فعله وهي الوفاة . فهو في جرائم القتل الخطأ يريد الفعل ،ولكنه لا يريد النتيجة ولا يرغب في إحداث الوفاة. ففي النوع الأول يتجلى الركن المعنوي في القصد الجنائي وفي النوع الثاني ينتفي القصد ويسأل الفاعل عن الخطأ الذي ارتكابه بإهمال أو عدم احتياطه أو لمخالفته للنظم والقوانين، ما أدى أو أفضى إلى ما لم يكن يريده من نتيجة ضارة .

    فجرائم القتل الخطأ من الجرائم القليلة التي يعاقب المشرع الجنائي مرتكبيها وإن انعدم في نفوسهم القصد ولم يكونوا يريدون إحداث ما حصل من نتائج سلبية.

    ويؤسس المشرع العقاب في مثل هذه الحالات على ارتكاب الفاعل الخطأ مما سبب في حصول النتيجة الإجرامية.

    فحكمة العقاب هي في الحرص على أرواح الناس، والرغبة في حماية سلامتهم وصحتهم، فلا ينالهم سوء ولا أذى ولو كان هذا الأذى ناجما عن خطأ لا عن قصد، وليس مثل هذا الحرص جديدا ولا محدثا بل أن الشرائع القديمة كانت تبدي اهتماما بحماية الروح البشرية من كل اعتداء ، وتعاقب المساس بها بأقصى العقوبات، فنجد الشريعة الإسلامية الغراء مند أول عهدها حددت العقوبة الدنيوية والأخروية لجريمة القتل سواء كان عمدا أو خطأ.

    أما التشريعات الحديثة فقد أعطت أهمية كبيرة للقتل بنوعيه، ذلك لما له من آثار وخيمة. فقد تزايد عدد الضحايا بشكل ملفت ومخيف بسبب حوادث السير، التي تعتبر بلادنا نموذجا لما يسمى بحرب الطرق ، وكذا حوادث الشغل وغيرها من الآفات التي يكون فيها للإنسان نصيب من وقوعها مما أوجب على المشرع المغربي اتخاذ تدابير زجرية ووقائية للحد من هذه الجرائم.

    فبالرجوع إلى الفصل 432 من ق ج م نجده يحدد لنا جريمة القتل الخطأ التي تعتبر جريمة غير عمدية قوامها الخطأ الجنائي بحيث نص الفصل المذكور على أن ” : من ارتكب بعدم تبصره أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته النظم والقوانين قتلا غير عمدي أو تسبب فيه عن غير قصد يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة من250 إلى 1000 درهم “.

    وبناءا على هذا الفصل فإن جريمة القتل غير العمدي وكما تدل عليه تسميته فعل يرتكبه الجاني بغير أن يقصد الموت ، ولكنه يكون في وسعه تجنبه إذا تصرف باحتياط وحذر، فالفرق بينه وبين القتل العمد وكما أسلفنا الذكر ينحصر في أن القاتل عمد يستخدم إرادته في إحداث الوفاة أما القاتل خطأ فينعدم عنده القصد الجنائي أي الركن المعنوي بحيث نكون أمام خطأ جنائي.

    وتعتبر جريمة القتل الخطأ من الجرائم المادية لا الشكلية حيث تمثل النتيجة الإجرامية ورابطة السببية أهمية كبيرة في البناء القانوني للجريمة فما لم تحدث الوفاة فلا قيام للمسؤولية الجنائية عن القتل غير العمدي إذا لا تتصور المحاولة في نطاق هذه الجريمة وإن كان ذلك لا يحول دون القيام مسؤولية الفاعل عن جريمة الإصابة الخطأ إذا توافرت عناصرها الفصل 433 ق ج ) فمن غير الممكن أن يشرع إنسان في قتل لا يقصد أصلا إحداثه حتى يقال أنه شرع في تحقيقه وكذا فإن الاشتراك في الجريمة غير متصورا لأنه لا يمكن أن ينسب إلى إنسان الاتفاق أو التحضير أو المساعدة على حدث غير متوقع أصلا منه .

    المبحث الأول : أركان القتل الخطأ

    إذن من خلال ما سبق يتضح أن أركان القتل الغير العمد اثنان وهما قتل الجاني المجني عليه وهو الركن المادي ( المطلب أول) وأن يكون هذا القتل عن غير قصد أي نتيجة خطأ وهو الركن المعنوي ( مطلب ثاني )

    المطلب الأول: الركن المادي:

    القانون الجنائي لا يعاقب على النية وما يضمره الفرد من أفكار ومعتقدات، لأن أساس التجريم كما ورد في المادة الأولى من القانون الجنائي، هو ما تحدثه الجريمة من اضطراب اجتماعي والأفكار والمعتقدات ما دامت في خيال صاحبها لا ينشأ عنها أي اضطراب أو خلل في حياة الجماعة، وإنما الذي يفعل ذلك هو النشاط الخارجي للفرد سواء ظهر هذا النشاط في صورة حركة للجسم أو في صورة الامتناع عن القيام بفعل يأمر به القانون الجنائي وبما أن جريمة القتل الخطأ من جرائم النتيجة فإن قوام الركن المادي فيها هو فعل الاعتداء الصادر عن الجاني (أولا) يكون هو السبب في النتيجة الإجرامية ( ثانيا) التي هي الوفاة أي وفاة المجني عليه الإنسان . وقيام علاقة سببية بين الفعل والنتيجة ( ثالثا)

    أولا : فعل الجاني ( النشاط الإجرامي)

    لا قيام لأي جريمة بدون نشاط خارجي يصدر من الجاني وتدركه الحواس والذي يكون العنصر الأول في الركن المادي للقتل الخطأ ينسحب إلى كل نشاط إرادي يؤدي إلى وفاة الضحية ، لكن دون قصد إحداث النتيجة ويستتبع هذا القول بأن النشاط الذي يأتيه الشخص غير إرادة لا يمكن معه المساءلة ولوادي إلى إزهاق روح إنسان ونحو ذلك قتل سائق سيارة أحد المارة بعد انقلابه عليه بسبب سقوط شجرة على سيارته في الطريق الذي يمر به نتيجة إعصار فجائي شديد. أو موت ساكني بيت نتيجة انهياره بسبب عدم إصلاح المالك له، اتضح بعد ذلك أن هذا الأخير كان فاقد للإدراك كإصابته بالجنون والقتل في هذين المثالين ناتج عن قوة قاهرة أو حدث فجائي تنتفي يه المسؤولية عن جريمة القتل الخطأ وعموما فكل ما يشترط في النشاط المفضي إلى الموت هو أن يكون إراديا هذا ويستوي أن يكون الفعل الإرادي الصادر عن الفاعل إيجابيا أي نتيجة القيام بفعل أو أن يكون سلبيا وهو الامتناع عن القيام بفعل . ومثاله أن يهمل صاحب عقار حائط متداع فيسقط على ساكنيه ويؤدي إلى وفاتهم وهو ما يستفاد من الفصل الذي عدد صور نشاط الجاني المؤدي إلى المسؤولية الجنائية والتي منها الإيجابي ، كعدم مراعاة القوانين والأنظمة ومنها السلبي كالإهمال ، كما لا عبرة بطبيعة النشاط الصادر عن الجاني . فالجريمة تقوم سواء كان الفعل يحضره أم لا كمن تسبب عن غير عمد في حريق نتج عنه موت شخص أو أكثر ( ف 435 ق ج ) أو تسليط حيوان على شخص بقصد إكراهه على الإتيان بشيء كالاعتراف أو بإمضاء وثائق ضد إرادته. فيهاجم هذا الحيوان المجني عليه ويقتله، أو أن يكون نشاطه مباحا لا يحضره القانون كمن يحفر بئرا في أرضه ولا يتخذ الاحتياطات اللازمة كإقامة حواجز حوله فيسقط فيه عابر سبيل ليلا فيموت .

    ثانيا : النتيجة الإجرامية( الوفاة)

    إن الغاية من التجريم هو حماية الحقوق التي تضمن سلامة كيان المجتمع واستمرار التعايش الاجتماعي المرغوب فيه لذلك فإن من البديهي أن يكون الاعتداء على أي حق من هذه الحقوق يعتبر جريمة. والنتيجة الإجرامية التي تكون أحد عناصر الركن المادي ما هي إلا ما يشخصه ذلك الاعتداء من تغيير في العالم الخارجي وما يمثله من انتهاك لأحد حقوق الجماعة .

    فجريمة القتل غير العمدية لا تتحقق أبدا ما لم يمت المجني عليه بسبب نشاط المتابع مهما كان الخطأ الذي ارتكبه هذا الأخير من الفداحة والجسامة وعليه فلو أصاب الفاعل المجني عليه إصابة خطيرة في حادث سير مثلا . إلا أن المجني عليه عولج وأنقد فإن الجاني لا يسأل إلا عن جريمة الإيذاء الخطأ . وليس عن محاولة القتل . إنما لا يشترط أن تكون الوفاة قد حصلت عقب ارتكاب الجاني لنشاطه مباشرة.. بل قد تتراخى إلى وقت قد يطول وقد يقصر وكل ما ينبغي توافره هو أن تكون الوفاة: قد حدثت بسبب نشاط الجاني فقط ما دامت العلاقة السببية ثابتة.

    هذا وإن اعتبار النتيجة الإجرامية أحد عناصر الركن المادي لا تتحقق الجريمة بدونه قائم على مبدأ أن التجريم لا يتعلق إلا بالاعتداء الفعلي على أحد حقوق الجماعة تطبيقا لمنطق العدالة وصيانة الحقوق الفردية. فهي العامل الأساسي المؤثر والصغير في العالم الخارجي الذي يشمل الواقع المادي والواقع النفسي المعنوي.

    فجريمة القتل الخطأ تحدث تغييرا في العالم أو الواقع المادي يتمثل في نشاط الجاني وتحدث تغييرا في العالم النفسي بما يترتب عليها من تأثير في نفسية الجماعة.

    ثالثا : العلاقة السببية بين النشاط والنتيجة .

    لكي يقوم الركن المادي في جريمة القتل الخطأ لا بد وأن تتوافر رابطة السببية بين نشاط القاتل والنتيجة الإجرامية التي هي الوفاة ، بمعنى أن يكون هذا النشاط هو السبب المباشر لحصول النتيجة ، وإن انتفت هذه العلاقة انتفت الجريمة .

    وغني عن القول أن العلاقة السببية كعنصر في الركن المادي خاصة بجرائم النتيجة أما الجرائم الشكلية فلا وجود فيها لهذه العلاقة لأن النتيجة نفسها غير ضرورية بالنسبة إليها، حيث أن المعيار الذي تقاس به رابطة السببية في هذه الجريمة هو نفس المعيار الذي يلجأ إليه للبحث في وجود هذه العلاقة أو انعدامها في جميع الجرائم ذات النتيجة عمدية . أو غير عمدية . وإذا كانت العلاقة السببية بين نشاط الجاني وبين النتيجة الإجرامية تبدو واضحة أحيانا فإنه في الكثير من الأحيان تتطلب من القاضي مجهودا غير يسير في البحث والاستقصاء لاكتشافها ولإبراز التسلسل الطبيعي بين الفعل والنتيجة، وخاصة في جرائم القتل الخطأ حيث يثور التساؤل حول من المسؤول عن الخطأ؟

    تتبلور صعوبة تفسير العلاقة السببية على الخصوص عندما تشترك مع نشاط الجاني أسباب أخرى في إحداث نتيجة إجرامية معينة ، كان ذلك النشاط وحده عاجزا عن تحقيقها، وهذه الأسباب قد تكون سابقة على النشاط الإجرامي كمرض المجني عليه وقد تكون معاصرة له كجرح الضحية بأداة سامة أدت في ما بعد إلى وفاته، وأخيرا قد يأتي السبب لا حقا لفعل الجاني مثل جهل الطبيب أو خطأه في معالجة الجريح أو إهمال هذا الأخير معالجة جروحه حتى مات في هذه الحالات نرى أن النشاط المادي ( الجرح الخفيف ) المنسوب للمتهم لم يكن لتترتب عنه النتائج الخطيرة ( الموت) لولا تدخل أسباب أخرى أجنبية عن ذلك النشاط ، فما هو الحل.؟ هل يؤاخذ الجاني بالنتيجة التي تحققت باعتبار أن نشاطه هو الذي أحدثها . إذ لولها لما وقعت ؟ أو نقتصر على مساءلته على فعله المباشر وما عدا ذلك ينسب إلى شخص آخر كالطبيب في إطار القتل الخطأ عن طريق الإهمال إن وجد ؟ أو إلى القضاء والقدر ؟ الواقع أن الفقه لم يحكم على المشكلة بهذا العموم وإنما ادخل بعض الاعتبارات التي تستوجبها العدالة والمنطق كالنظر إلى فعل الجاني هل كان كافيا لإحداث النتيجة التي وقعت أم لا؟ وإذا لم يكن فهل كان في الإمكان حدوثها لولا ذلك الفعل؟ كل هذه التساؤلات حاول الفقه الإجابة عنها في إطار ثلاث آراء :

    الرأي الأول : يشترط لمسألة الجاني أن يكون نشاطه كافيا وحده لإحداث النتيجة التي وقعت وإلا اقتصرت مسؤوليته على نشاطه المباشر فقط. ونلاحظ أن هذا الرأي يضيق من نطاق المسؤولية باشتراط ضرورة كفاية فعل الجاني لإحداث النتيجة بحسب العادي من الأمور .

    الرأي الثاني : اتخذ معيارا اكثر صرامة ضد الجاني ويتلخص في أن المسؤولية تتقرر في كل حالة يكون فيها النشاط الإجرامي ضروريا لإحداث النتيجة ولو لم يكن كافيا وحده لوقوعها فالذي يضرم النار في عشب فتحدث عاصفة تذهب بالنار إلى منزل تحرقه مع شخص كان بداخله يتابع كمرتكب لجريمة قتل الخطأ . ذلك أن نشاطه هو الذي مهد إلى الأسباب الأخرى فلو لم تجد العاصفة النار مشتعلة لتعذر احتراق المنزل وبالتالي وفاة الشخص الذي بداخله ولهذا الرأي وجاهته التي لا شك فيها من حيث الدفاع عن المصلحة الاجتماعية حتى لا يجد الجناة سبيلا إلى الاحتماء بأسباب أجنبية عن نشاطهم أترث في النتيجة الإجرامية التي لا يجادل أحد في أنه لولا عملهم لما حدثت .

    أما الرأي الثالث في الفقه فيقول أن هذه الأسباب المضافة إلى نشاط الجاني إذا كانت منتضرة حسب العادي من الأحوال فإنه لا يلتفت إليها وتعتبر كأن لم تحدث أما إذا كانت غير عادية فتجب المسؤولية وتقصرها على فعله المباشر فقط.

    ويعاب على هذا الرأي أنه يجعل مقياس المسؤولية هو توقع الجاني ، أو عدم توقعه لما يترتب على نشاطه المباشر ومن الأمثلة الشائعة في جرائم القتل الغير العمدي مالك العقار الذي يهمل الاعتناء به فينهار البناء ويصيب عابر سبيل بجروح غير قاتلة لكنه يقصر في المعالجة فيموت هل من المنطق القول بأن الضحية إذا كان جاهلا يفترض أن المالك كان يتوقع هذا الجهل وبالتالي عدم الاعتناء بالمعالجة فيتابع بالقتل الخطأ. أو إذا كان واعيا يفترض أن المالك كان يتوقع وعيه وبالتالي الاعتناء بنفسه فيؤاخذ بجريمة الجرح الخطأ لا غير؟ إن المنطق القانوني بعيد كل البعد عن تبني مثل هذه الحلول .

    أما عن المشرع المغربي فلم يضع بنص صريح معيارا للرابطة السببية.فالمادة 432 تعاقب من ” تسبب ” في القتل الخطأ. والمادة 433 تؤاخذ بالجرح الخطأ من تسببه فيه ، والمادتين 607و608 تعاقبان جريمة إحراق مال الغير خطأ لكن إذا نتج عنه موت شخص أو أكثر وإصابته بجروح يعد مرتكبا للقتل أو الإصابة الخطأ ويعاقب بهذه الصفة .

    هذه الجرائم الغير العمدية التي تتدخل فيها مع نشاط الجاني أسباب أجنبية وتؤثر في النتيجة النهائية لها نلاحظ أن المشرع تجنب فيها الإشارة إلى تلك الأسباب الأجنبية وبيان الحكم عند تدخلها مكتفيا باستعمال فقط ألفاظ ” تبين ” أو نتج ” وهذه الكلمات تترك المجال للقاضي ليقرر في كل قضية بعينها وجود رابطة السببية أو انعدامها بتدخل عامل أجنبي عن فعل الجاني

    المطلب الثاني : الركن المعنوي

    إن قوام الركن المعنوي في جريمة القتل الخطأ هو الخطأ الجنائي وتكتسي دراسة هذا العنصر أهمية قصوى خصوصا مع اتساع نطاق الجرائم غير العمدية في العصر الحاضر نتيجة التقدم العلمي والتكنولوجي المتزايد .

    ومن التطبيقات العملية الشائعة للخطأ الذي تترتب عنه الوفاة نجده في عدة ميادين منها حوادث الشغل حوادث البناء والأشغال العمومية والخطأ الطبي والصيدلة وحراسة الحيوانات . ومجال النقل الذي يستحوذ على النصيب الأكبر في نطاق حوادث السير عن طريق الإهمال وعدم الاحتياط وعدم مراعاة النظم القوانين.

    فالمادة : 432 سردت الحالات أو الصور التي تتحقق بها الجريمة غير العمدية والمختصرة في الخروج منه سلوك الشخص المتبصر اليقظ. فالذي يتسبب في القتل بحادثة سير لا يسأل جنحيا إذا التزم في سيره كل الاحتياطات التي يلتزمها السائق المتبصر في حين يكون مسؤولا إذا خرج عن هذا السلوك ولذلك فإن الركن المعنوي في الجرائم غير العمدية يتحقق بثبوت الرعونة وعدم احتياط في سلوك الجاني ، وكلما أتبت المتهم انعدام هذه الرعونة انتفى الركن المعنوي وتخلص من المسؤولية .

    إذن سنقوم بتحديد تعريف الخطأ الجنائي ( أولا) ثم عناصره ومختلف صوره ( ثانيا) وبعد ذلك سنتطرق إلى إشكالية تحقق الخطأ في مخالفة النظم والقوانين (ثالثا) .

    الفقرة الاولى : تعريف الخطأ الجنائي

    بالرجوع إلى القانون الجنائي المغربي نجد أن المشرع لم يعرف الخطأ الجنائي ولم يبين ماهيته لدى سنقوم بإعطاء مجموعة من التعاريف الفقهية في ميدان الخطأ الجنائي فقد عرفه الفقه المصري بأنه ” إخلال المتهم بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضها القانون وعدم حيلولته تبعا لذلك دون أن يفضي تصرف إلى حدوث النتيجة الإجرامية في حين كان ذلك في استطاعته ومن واجبه ” .

    أما الفقه السوري فقد عرف الخطأ ” بأن لا يتخذ الفاعل في سلوكه الاحتياط الكافي الذي يجب على الشخص الحريص المتبصر اتخاذه لمنع ما عسى أن يترتب على سلوكه هذا من نتائج ضارة بالغير ” .

    أما عن الفقه المغربي فقد عرفه الدكتور الخمليشي بأنه ” كل عمل أو امتناع إرادي لم يقصد به الفاعل قتل إنسان ومع ذلك ترتبت عنه الموت نتيجة عدم تبصره أو عدم احتياطه أو إهماله ” وعموما يمكن جمع هذه التعاريف في تفسير الخطأ بأنه الانحراف من سلوك الرجل العادي المتبصر الموجود في نفس ظروف مرتكب الخطأ فالفاعل عندما يقوم بالعمل الإيجابي أو الامتناع يكون من جهة لا يتوقع نهائيا حدوث الموت بسبب تصرفه أو كان يتوقعه على وجه الاحتمال ويقصد به مجرد الاحتمال البسيط أو الضعيف . ويمضي في تنفيذ الفعل عن تهور طيش أو بناءا على اعتقاده بأنه قادر على تفادي النتيجة المحتملة ومن جهة ثانية يجب أن يكون قيامه بالفعل في كلا الحالتين متسما بعدم التبصر أو عدم الاحتياط أوعدم الانتباه أو الإهمال ففي حالة التوقع إمكانية حدوث النتيجة يكون عدم الاحتياط أو التبصر ظاهرا بإقدامه على تنفيذ الفعل وهو يتوقع عن إمكانية حدوث الموت ، وفي حالة عدم توقعه النتيجة يجب أن يثبت اتصاف تصرف الفاعل بالإهمال أو عدم التبصر . وتتحقق هذه الصفة في التصرف إذا كان الرجل العادي المتبصر اليقظ الموجود في نفس ظروف الفاعل لا يقوم به .

    فقد يكون الفعل المادي أو الامتناع في جريمة القتل الخطأ في حد ذاته جريمة وقد لا يكون كذلك فإن كان تصرف الفاعل جريمة لم تكن النيابة في حالة إلى إثبات الإهمال لأن الجريمة تصرف خاطئ بطبيعته، ولكن يبقى للمتهم إمكانية دفع المسؤولية بنفي العلاقة السببية بين نشاطه وبالموت كما إذا كان يسوق السيارة دون توفر رخصة السياقة فخطأه هنا ثابت ومع ذلك وفي إطار التحايل على القانون يمكنه أن يبعد عنه المسؤولية عن القتل الخطأ بنفي العلاقة السببية كأن يثبت مثلا أنه يسير وفق ضوابط قوانين السير وأن ما حدث كان سببه خطأ الضحية أو قوة قاهرة أو حدث فجائي.

    أما إذا كان التصرف ذاته لا يكون جريمة فيتعين على النيابة العامة أن تثبت أن الرجل اليقظ المتبصر لا يقوم به ، وذلك مثل قيام طبيب بعملية جراحية دون الاحتياطات التي يراعيها الطبيب المتبصر الحذر في تلك العملية أو دون التقيد بالأصول العملية المفروضة طبيا في إنجاز العملية ذاتها . إذن يتبين من هذا كله أن الإهمال أو عدم التبصر في تصرف الجاني يتحقق إما بتوقع الفاعل نفسه إمكانية تسببه في الموت ، وإما باتصاف التصرف ذاته بصفة جريمة معاقب عليها جنائيا وإما بإثبات النيابة العامة أن الشخص المتبصر المتصف باليقظة والحذر الضروريتين لا يقوم به في الظروف المحيطة بالفاعل .

    ويقاس تصرف المتهم بسلوك الشخص المتبصر, المحتاط من سواد الناس, إذا كان سلوكا عاديا أو من فئته إذا كان المتهم ينتمي إلى فئة خاصة تتميز بالطابع الفني كالطبيب.

    الفقرة الثانية: عناصر الخطأ وصوره

    أولا- عناصر الخطأ .

    لقيام ركن الخطأ في جريمة القتل غير العمدي ينبغي توافر شرطان أو لهما هو عدم مراعاة الجاني لمقتضيات الحيطة والحذر في سلوكه الذي تسبب في وقوع الجريمة، بان يكون قد أتى السلوك على غير ما كان يجب عليه ان يأتيه به.

    يجب أن نلاحظ هنا الفرق بين السلوك وبين طريقة إتيانه الفعل ، فالسلوك في حد ذاته قد يكون مباحا ومصرحا به قانونا .ولكن الجاني لم يأت به على النحو الذي رسمه القانون أو أقرته الخبرة الإنسانية العامة في هذا المجال فالقانون يبيح إجراء العمليات الجراحية ويبيح قيادة السيارات ولكن الطبيب الذي يقوم بإجراء العملية الجراحية يجب عليه أن يراعي أثناء عمله مقتضيات الحيطة والحذر وهذه المقتضيات قد تكون محددة قانونا وقد تكون من الأمور المتعارف عليها في نطاق المهنة يكون سلوكه بالتالي مصدر لوم القانون إن نتج عنه جريمة وجب مسألته عنها .

    أما الشرط الثاني وهو العلاقة النفسية التي تربط بين الفاعل وحدوث النتيجة هذه العلاقة النفسية تأخذ أحد الصورتين، إما أن الجاني لم يتوقع النتيجة مطلقا حينما أتى فعله، وبالتالي لم يبذل الجهد الكافي للحيلولة دونها في حين انه كان في إمكانه ذلك وكان من واجبه وهو ما يطلق عليه ” بالخطأ بدون تبصر ” كمن يقود سيارة وهو غير ملم إلماما كافيا بالقيادة ، أما الصورة الثانية فتتجلى في أن يتوقع الجاني حدوث النتيجة ولكنه لا يرغب في حدوثها ويعتمد على مهاراته أو قدراته في تلافي حدوثها، كمن يقود سيارة بسرعة غير عادية في طريق مزدحم بالمارة ، فيرد على ذهنه إمكانية إصابته لبعض المارة ولكنه يثق في قدرته على إمكانية تلافي ذلك وهو ما يسمى ” بالخطأ مع التبصر” .

    ثانيا-صور الخطأ :

    عدد الفصل 432 صور الخطأ التي تقوم بها المسؤولية الجنائية عن القتل الخطأ، هذه الصور جاءت متداخلة الدلالة مع بعضها إلى حد كبير يتعذر الفصل بين مفاهيمها حيث يقال أن الإنسان لم يحتط لأنه لم يتبصر، ولو تبصر فلم يحتط فهو مهمل ولكن مقدار الخطأ على أي حال لا أثر له في تقرير المسؤولية حيث يكفي ثبوت الخطأ في أي صورة من الصور الخمس لكي تقوم مسؤولية الجاني مادامت العلاقة السببية بين الخطأ والنتيجة متوافرة .

    وقد تجتمع هذه الأخطاء مع بعضها أو حتى أن تندمج في بعضها، وليس ضروريا أن يكون الخطأ الذي يدخل في تكوين الجنحة إراديا أو حتى مرتكبا عن وعي فحتى لو لم يكن الفاعل قد توقع نتائج خطاه فإن المسؤولية تكون قائمة بسبب عدم تقديره وتوقعه لعواقب فعله ، بحيث تنم في مجملها عن استخفاف الفاعل إزاء قواعد الفطرة السليمة والحيطة اللازمة .

    من خلال ذلك سنعرض أبرز صور الخطأ بالتي يبدو أنها مذكورة على سبيل المثال لا على الحصر.

    1-عدم التبصر :

    تقوم هذه الصورة من صور الخطأ الجنائي كلما أبان تصرف الفاعل عن سوء تقدير الأمور، أو كون الشخص تنقصه المهارة والبراعة الجسمانية فإذا كان تصرف الإنسان العادي إزاء موقف معين يتطلب منه نوعا من الرؤية والحذر لتقدير نتائج ذلك التصرف نجد الجاني في هذه الحالة يندفع عند أول خاطر يحول بذهنه دون إعمال ذلك التقدير . وهذا النوع من الخطأ غالبا ما يرتكب في إطار مهني فني من طرف الأطباء والصيادلة وغيرهم ممن يتسببون في قتل إنسان نتيجة عدم قيامهم بعملهم كما يجب أوجهاهم لقواعد المهنة التي لا يجوز لمثلهم جهلها أو عدم القيام بها كما ينبغي ومثال ذلك الطبيب الذي يحدد لمريض السكري كمية من مادة الأنسولين دون الإطلاع على نتائج التحاليل التي أوصى بها له فيموت المريض نتيجة عمله .

    2- عدم الاحتياط وعدم الانتباه

    وهما صورتان للخطأ الذي ينطوي عليه نشاط إيجابي ويتحققان عندما يقدم الفاعل على تصرف يدرك خطورته وما يترتب عليه من نتائج ضارة ورغم ذلك لا يتخذ الإحتياطات اللازمة التي تكفل درئ المخاطر وتلافي حصولها .

    وقد يعتبر عدم الاحتياط نوعا من عدم الانتباه لأنه في كافة الأحوال تصرف من الجاني على نحو ينبغي فيه الحرص والحيطة ومع ذلك يتميز بعامل الاندفاع الذي يعبر عنه بالطيش وقلة التحرز للنتائج خطيرة التي قد تترتب من فعل من الأفعال كالشخص الذي يسوق سيارة في مكان آهل بالمارة بسرعة كبيرو غير مناسبة لظروف الزمان والمكان ، فيصدم أحد المارة ويقتله حيث كان بإمكانه تجنب النتيجة لولا تهوره وعدم انتباهه .

    3- الإهمال

    ويظهر في الموقف السلبي لشخص في مواجهة بعض الأوضاع التي تفرض عليه الحذر وهو الامتناع عن القيام بعمل يفرضه القانون كترك واجب أو الامتناع عن تنفيذ أمر ما أو الامتناع عن اتحاد العناية والوقاية اللازمتين لتجنب حصول النتيجة وفي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 9 أكتوبر 1984 ” لما قضت المحكمة إذانة الطاعن من أجل القتل الخطأ بإهمال بعلة أن إهماله يتجلى في كون الضحية مجرد عامل عادي غير تقني وقد تركه الضنين يمسح مصعد الفندق الذي يقع تشغيله بالكهرباء فالعمل خطر على مثل العامل الضحية. وكان على الضنين أن يتخذ الاحتياطات الكافية واللازمة في مثل الحالة لمنع حدوث ما يمكن حدوثه … من غير أن تبرز المحكمة نوع هذا الإهمال الذي كان بسبب وقوع الاصطدام كمخالفته للأنظمة القانونية للعمل بإهماله لوضع الآلة في مكانها وغير ذلك يكون قضاؤها ناقص التعليل المنزل بمنزله انعدامه .

    4-عدم مراعاة النظم والقوانين:

    المقصود بالنظم والقوانين كل ما يصدر من تشريعات سواء من السلطة التشريعية أو التنفيذية في الحدود التي تختص بها قانونا . وتمتد لتشمل تنظيمات القواعد العرفية المتعارف عليها في المجال الذي وقع فيه الخطأ. سواء كانت هذه القرارات جماعية أو فردية كالقرار الصادر بسحب رخصة من المتهم أو يمنحه من مزاولة مهنة أو نشاط معين فخالف القرار وقام بالنشاط الممنوع منه فتسبب في قتل غير عمدي . كما يستوي أن يكون الأمر مكتوبا أو شفويا صادر عن جهاز إداري أو من أحد الأفراد الذين يخولهم القانون إصدار تلك الأوامر كأوامر شرطي المرور، ومن ناحية أخرى قد تشمل هذه النظم الأنظمة الداخلية للمؤسسات الخاصة والموضوعة من أجل المحافظة على سلامة الأشخاص وصحتهم .

    وقد يكون النظام أو القانون الذي وقعت مخالفته شرعيا في هذه الحالة لا يطرح الإشكال ، أما إذا كان غير شرعي أي مخالف لنص تشريعي أعلى منه أو تجاوز فيه من أصدره حدود اختصاصه فإن مجرد مخالفته لا يبرر المسؤولية الجنائية عما حدث من موت أو جرح مادام لم يثبت ضد الفاعل أي خطأ آخر . هذا الأخير الذي اختلف الفقه بخصوصه بحيث يطرح التساؤل حول تحقق الخطأ في مخالفة النظم والقوانين ؟

    ثالثا: تحقق الخطأ في مخالفته النظم والقوانين.

    بالنسبة للاشتراط تحقق الخطأ في مخالفته النظم القوانين فإن الفقه انقسم إلى اتجاهين اثنين .

    الأول يقول إن مجرد ارتكاب الفاعل لعمل مخالف للقانون أو الأنظمة يجعله مسؤولا عما يترتب عن ذلك العمل من نتائج بصرف النظر عما إذا كان ارتكاب الفعل ذاته يحمل مسؤولية أخلاقية للفاعل أم لا . ويذهب الرأي الثاني إلى أن مجرد مخالفة القوانين أو الأنظمة غير كاف للمسؤولية عن النتائج المترتبة عن الفعل أو الترك وإنما يتعين أن يتوفر في سلوك الفاعل العنصر المعنوي للخطأ أي عدم التبصر أو عدم الاحتياط أو عدم الانتباه أو الإهمال وذلك بأن يكون متوقعا لإمكانية حصول النتيجة أو على الأقل كان عليه أن يتوقعها لو استعمل التبصر الاحتياط الضروريين ويظهر أثر الخلاف بين الرأيين في القوانين والأنظمة التي لا تشكل مخالفتها خطأ أو ذنبا أخلاقيا وفي الجرائم القانونية التي لا يشترط للعقاب عليها توفر القصد الجنائي أو الخطأ أي الإهمال ، كما هو الشأن بالنسبة لأغلبية للمخالفات مثلا أن يحدث عطب مفاجئ في عداد ضبط سرعة السيارة فيظهر للسائق أنه يسير على خمسين كلم بينما هو في الواقع يسير بسرعة غير قانونية فيتسبب في حادثة وفاة . فطبقا للرأي الأول يكون السائق مسؤولا جنائيا عن القتل غير العمدي الناتج عن مخالفته لقانون وإن لم يتوفر في هذه المخالفة العنصر المعنوي للخطأ في حين لا يكون مسؤولا وفق الرأي الثاني الذي يشترط في مخالفة للقانون توفرها على عدم التبصر والإهمال.

    يتبين مما سبق أن مخالفة الأنظمة والقوانين لا تكون سببا للمسؤولية عن الموت من غير قصد إلا إذا توفر في هذه المخالفة العنصر المعنوي للخطأ وهذا العنصر يتوفر دائما في مخالفة القوانين والأنظمة المقررة للمحافظة على السلامة العامة . وكذلك في ارتكاب الجرائم القانونية ذات الخطر. وعلى العكس من ذلك مخالفة القوانين التنظيمية وارتكاب الجرائم القانونية التي يعاقب عليها المشرع بقصد فرض أوامر القانون وحماية الأوضاع القانونية المستجدة دون أن يكون سبب التجريم فيها خطر ما على سلامة الأفراد وصحتهم فإن مخالفتها المجردة لا تبرر العقاب على ما يرافقها من موت إنسان ونما يتعين أن يثبت ضد المخالف إهمال أو عدم تبصر أو عدم احتياط كانت له علاقة مباشرة
    بالموت الذي حدث .
    المدير
    المدير
    Admin


    عدد المساهمات : 131
    نقاط التمييز : 2147483647
    الرتبة : 0
    تاريخ التسجيل : 05/02/2009

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي Empty رد: جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي

    مُساهمة  المدير 2011-12-17, 11:02

    Share

    المشرع المغربي عاقب القائل خطأ إذا لم يتبصر أو لم يحتط أو لم ينتبه أو أهمل أو لم يراعي الأنظمة أو القوانين ، والتساؤل المطروح هو عن تحديد ماهية المعيار الذي يمكننا أن نعتبر به بان شخصا ما قد ارتكب جريمة لأنه لم يتبصر أو لم يحتط أو أنه أخطأ عموما… الواقع أن تحديد ماهية هذا المعيار [...]
    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي – بحث جامعي وإحصائيات
    الفصل الثاني : القتل الخطأ
    المبحث الثاني : معيار الخطأ في القتل غير العمد وعقوبته
    قبل التطرق إلى عقوبة القتل الخطأ العادية منها والمشددة ( مطلب ثاني ) كان لزاما علينا معرفة الضابط الذي يحدد من خلاله ما إذا كان الجاني قد راعى في تصرفه مقتضيات الحيطة والحذر أولا ( مطلب أول)

    المطلب الأول : معيار الخطأ في القتل غير العمد
    [...] لا يطرح مبدئيا بالنسبة لحالة مخالفة القوانين والأنظمة ذلك أن المخالفة لهذه الأخيرة تتبت كلما خالف المتابع الواجب الوارد في قانون أو تنظيم صريح، ونحو ذلك مخالفة قوانين المرور حيث لا حاجة بنا في أغلب الحالات للبحث في الذي تستدل به على ما إذا كان المخالف قد ارتكب خطأ أم لا . إلا أن هناك إشكال بخصوص هذه النظم والقوانين وقد تطرقنا إليه في محور صور الخطأ . أما عن القول بوجود خطأ من عدمه فإن أمر تحديده يطرح في الحالات التي تكون فيها الواجبات الملقاة على عاتق الشخص غير محددة صراحة . وفي هذا الصدد فقد ظهر في الفقه معيارين أولهما شخصي ( أولا) والآخر موضوعي ( ثانيا) في جرائم القتل.
    أولا : المعيار الشخصي
    يقوم هذا المعيار في تقدير الخطأ الجنائي على أساس شخصي ذاتي مؤداه أن يقارن السلوك الذي أتاه المتابع في ظروف زمنية ومكانية ونفسية معينة في ضوء السلوك الذي اعتاده بحيث إذا كان هذا السلوك مماثلا لما اعتاده في حياته وفي نفس الظروف التي يراد فيها نسبة الخطأ إليه ( من عدم تبصر أو عدم احتياط أو قلة انتباه ) فإنه لا يعد مخطأ حتى ولو كان سلوكه هذا قد أدى إلى نتيجة خطيرة هي إزهاق روح المجني عليه . أما إذا كان هذا السلوك دون ما اعتاده في حياته وفي نفس الظروف فيكون إذا ذاك قد ارتكب إثر إخــلال له بواجبات الحيطة والحذر ووجب مساءلته جنائيا.
    أما المسؤولية الناشئة عن عمل الغير أو عن الأشياء فهي بطبيعة الحال تخرج عن نطاق هذه القاعدة لأن القانون الجنائي لا تبنا المسؤولية الجنائية فيه إلا على أساس الخطأ الشخصي فلا يجوز مسألة شخص جنائيا عن فعل الغير إلا إذا قام الدليل بصورة إيجابية على ارتكابه الخطأ المرتبط بالنتيجة التي هي الوفاة وعلى هذا الأساس فلا يجوز ان يعتبر الأب مسؤولا عن كل جريمة ارتكبها ابنه القاصر، ولكن يكون مسؤولا مذنبا ويكون ملزم بالتعويض عن الأضرار التي أحدثها الابن .
    هذا المعيار كما هو واضح يؤدي إلى تبرئه مجموعة من المجرمين اللذين اعتادوا في حياتهم قلة الحرص ومعاقبة مجموعة أخرى ممن اعتادوا حياتهم اليقظة والحذر ومجانية الخطأ لذلك نجد القضاء كما الفقه مال إلى المعيار الثانيثانيا : المعيار الموضوعي

    ومفاده أن الحكم على سلوك شخص ما يكون خاطئ ام لا يكون بالنسبة لسلوك شخص مجرد موضوع في نفس ظروف ذلك الذي أتى السلوك المتابع عنه ويكون هذا الشخص معتادا أي مجردا في سلوكه لا هو ميال إلى الخطأ ولا هو أكثر حرصا وحذرا . وإنما رجل من عامة الناس فنكون عملا بهذا المعيار الموضوعي أمام كل سلوك أتاه الجاني دون سلوك الرجل المعتاد من حيث الحرص والحذر والحيطة وفي نفس الظروف مكونا للخطأ في جانبه وبالتالي مؤديا إلى قيام مسؤوليته الجنائية، أما إذا كان سلوكه في نفس الظروف هو نفس السلوك الذي يأتيه الرجل العادي أو أكثر حرصا وانتباها منه فإنه لا يكون والحالة هذه مخطأ والتالي لا محل لمسائلته عن النتيجة الحاصلة ولتوضيح المعيارين السابقين أكثر نمثل بامرأة وهي في سبيل إعداد الطعام تترك طفلها الصغير بجانب الموقد الذي تطبخ عليه فيتصادف أن سقط القدر الذي يحتوي على ماء في حالة غليان شديد بسبب حركة من الطفل فيصاب بحروق شديدة يموت على إثرها. فعملا بالمعيار الشخصي فإن هذه المرأة قد لا تعتبر مخطئة إذا كانت اعتادت في حياتها الخاصة التصرف على هذا النحو في نفس الظروف خصوصا إذا كانت أما لعدة أطفال لم يقع نفس الحادث لأي واحد منهم .
    ولكن عملا بالمعيار الموضوعي فإن هذه المرأة تعتبر مسؤولة عن قتل طفلها خطأ لأن المرأة العادية في نفس الظروف لا تترك طفلها بجانب موقد النار مخافة أن ينقلب عليه شيء بسبب أية حركة طائشة من الطفل .
    ولذلك كان المعيار الموضوعي هو المعيار السليم والذي عليه القضاء وما يميل إليه أغلب الفقه في بلادنا بحيث نجد القضاء المغربي يميل إلى تقدير الخطأ الطبي كحالة من حالات الخطأ تقديرا موضوعيا يأخذ بعين الاعتبار المعطيات والظروف الخارجة التي أحاطت بالطبيب عند مباشرته لعمله . وذلك من خلال تقدير مدى تأثير هاته المعطيات الخاصة على مضمون العناية التي يسند لها طبيب من نفس مستوى هذا الأخير . يقاس سلوكه بسلوك الطبيب المدعى عليه في ضوء الظروف الخارجية التي وجد فيها. وبهذا المعنى جاء في حكم صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 31/3/1989 لا يسأل الطبيب إلا زاد ثبت ثبوتا قطعيا ارتكابه لخطأ يأتيه طبيب يقض من مستواه المهني وجده في نفس الظروف التي أحاطت بالطبيب المتابع ”

    وفي كل الأحوال فإن محكمة الموضوع ملزمة قانونا أن تشير في حكمها إلى الخطأ الذي ارتكبه المتهم وتربط النتيجة التي حصلت بالخطأ ، لأن المشرع عاقب على هذه الجريمة كلما ” تسبب” الفاعل بخطئه في هذه النتيجة . أما إن هي أغلقت الإشارة إلى وجود الخطأ أو لمدى علاقته بالنتيجة فحكمها يكون قاصرا متعينا نقضه على اعتبار أنه ولو أن مسألة استخلاص وجود الخطأ وعلاقته بالنتيجة أمور تدخل تحت سلطة قاضي الموضوع الذي له أن يستنتجها من الوقائع ومن ظروفها ، فإن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستنتاج منطقيا مقبول أما إن هو أغفل ذلك فالمجلس الأعلى حق الرقابة عليه في هذا الخصوص لأن عنصري الخطأ والعلاقة السببية من مسائل القانون واجب مراقبة محكمة الموضوع في كيفية استخلاصهما واقتناعها بوجودهما والسهر على تطبيقهما تطبيقا حسنا.
    وبهذا نرى أن المعيار الموضوعي انتهى في النهاية إلى معيار مزدوج نسبيا فهو إن كان موضوعيا في أساسه إلا أنه يدخل في اعتباره الظروف الشخصية التي أحاطت بالمتهم وبقدر تصرف الشخص المعتاد على أساسها .

    المطلب الثاني: عقوبة القتل الخطأ

    أدى تزايد عدد حوادث السير التي تنتج عنها خسائر في الأرواح البشرية وأضرار جسمانية ومادية هامة تلحق ضحايا هذه الحوادث إلى جعل المشرع ينص على عقوبات زجرية تتمثل في الغرامات المالية والعقوبات الحبسية العادية والتي تتسم بالشدة في بعض الحالات أو المواقف التي تكشف لدى السائقين مرتكبي الجرائم عن استخفاف تام بالحياة البشرية وطبيعة معادية للمجتمع وهذا هو الغرض من الفصل 434 الذي يطبق إذا توفرت عناصره في جميع الأحوال المنصوص عليها في الفصل 432. أولا : العقوبة في شكلها العادي عاقب المشرع على القاتل خطأ في الحالة العادية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة مالية من 250 على 1000درهم وهي جنحة تأديبية . يلاحظ من خلال التخصيص عليها في الفصل 432 من ق ج بأن العقوبة تتكون من الحبس والغرامة معا بحيث لم يترك فيها للقضاء حرية الاختيار بين العقوبة السالبة للحرية والغرامة المالية . وتبدو العقوبة بصورتها هذه خاصة عقوبة الحبس فيها كثير من القسوة خاصة بالنسبة لكثير من طوائف الجناة الذين يرتكبون جرائم القتل غير العمدية كحوادث السير التي يكون الإنسان وتهوره أحيانا نصيب في وقوعها . والواقع هذا ارتأى المشرع المغربي في مناقشته قانون السير الجديد أن يرفع من العقوبة الحبسية لردع السائقين وغيرهم من مستعملي الطرق بغية منه في التقليص من عدد الحوادث التي تخلف سنويا أعداد مهولة من القتلى والجرحى ، إلا أن سياسته هذه لا تلقي استجابة بين الأوساط الحقوقية وأصحاب الدراسات والخبرة في مجال السياسة الجنائية الذين نادوا بإعادة النظر في المنظومة الجنائية كلها، التي أصبحت قاصرة عن مواكبة التحولات العالمية ومتطلبات العصر، بحيث تقوم فكرتهم على التخفيض من العقوبات الحبسية نظرا لما تعرفه السجون المغربية من تكدس في أعداد السجناء من مختلف الجرائم . عكس ما قد تذهب إليه مقاربة المشرع والرفع من أداء الغرامات المالية التي ستساهم وبلا شك في التقليص من الجرائم خاصة التي تهم حوادث السير التي تصنف في جرائم القتل الخطأ من جهة وإلى إغناء الموارد المالية للدولة من جهة ثانية . ثانيا : ظروف التشديد في جريمة القتل الخطأ. ينص الفصل 434 على أنه ” تضاعف العقوبات المقررة في الفصلين السابقين 432-433. إذا كان الجاني قد ارتكب الجنحة وهو في حالة سكر ، وكان قد حاول التخلص من المسؤولية الجنائية أو المدنية التي قد يتعرض لها ، وذلك بفراره عقب وقوع الحادث أو تغيير حالة مكان الجريمة أو بأية وسيلة أخرى” فكما هو ظاهر من الفصل فإن المشرع أمر القاضي بمضاعفة العقوبة عند توافر أسباب اعتبرها من قبيل الظروف المشددة الخاصة بجريمة القتل الخطأ فهذه الظروف يمكن تمييزها إلى نوعين فهي إما ظروف مبنية على حالة الفاعل مرتكب الجنحة وهو في حالة سكر ، أو ظروف مبينة على موقفه اللاحق للحادثة والذي يكشف عن انه يريد التخلص من المسؤولية. فالحالة الأولى، والعبرة فيها هي بتوافر حالة السكر وقت ارتكاب الجريمة ولا يكفي أن يكون المتهم قد تعاطى المادة المسكرة فقط على أن المشرع لم يتطلب في السكر أن يكون بينا كما تشترط ذلك بعض القوانين ، بل تكفي أي درجة من السكر يكون عليها المتهم فحالة السكر أو على الأقل استهلاك كمية كبيرة من الكحول يجب أن يتبنها القانون بالبحث حول ملابسات الحادث بالبحث بواسطة الاختبار المعروف باختبار الكحول بأخذ عينة من الدم وتحليلها حيث إذا استعملت هذه الطرق فإن أي جدال حول نتائجها لن يكون محمل جد. أما إذا لم توجد الوسائل اللازمة أو رفض السائق إجراء تحليل فإن حالته يمكن أن تستنتج من ملاحظات المحققين حول موقفه وصعوبة النطق لديه واضطراب حركاته ورائحة الخمر التي تفوح من نفسه، ويمكن أيضا أن يوجه البحث لمعرفة كيفية استعماله للزمن السابق للحادث أي وقت رد الفعل لديه والمشروبات المختلفة التي تناولها . أما الحالة الثانية وهي الوسائل المختلفة للتخلص من المسؤولية فقد تكون :

    جنحة الفرار : إلى جانب فرار الجاني للتخلص من المسؤولية يعتبر موقفه مكونا أيضا لجنحة أخرى وهي الإمساك عن تقديم مساعدة لشخص في خطر المنصوص عليها في الفصل 431 من ق ج حيث يقع على النيابة العامة في هذه الحالة إثبات بأن عربة السائق قد تسببت في الحادث وعدم توقفه ومحاولته الفرار وليس ظروريا ان تمس أو تصدم العربة التي تسببت في الحادث العربة الأخرى، وإنما يكفي ان يرتكب سائقها خطأ في السياقة أذى إلى التسبب في الحادث كما لو بهر السائق بأضواء لسيارته أما التوقف بعد الحادث فيجب أن يكون اختياريا أو تكون مدته كافية للتعرف على السيارة وصاحبها أما رجوع الفاعل إلى مكان الحادث بعد أن وبخه ضميره أو بعد إبلاغه الدرك فلا ينقيان عنه تهمة الفرار .

    خفاء أو تغيير آثار الحادث: يمكن لمرتكب الخطأ لعدم وجود شهود وفي كثير من الأحيان غياب الضحية عن الوعي أو موتها ، أن يقوم بمحاولة تغيير حالة مكان الجريمة وذلك بأن ينقل مثلا الضحية من مكانها ، أو بنقل إحدى السيارتين أو أي وسيلة كإرشاء الشهود أو إخفاء آثار السيارة فكل هذه الأفعال التي قد يقوم بها الجاني لدفع المسؤوليته الجنائية وحتى المدنية عنه، مرهونة بثبوت مسؤولية عن الجريمة بشكل قاطع فإذا انتفت الجريمة انتفى الظرف المشدد تبعا لذلك.
    المدير
    المدير
    Admin


    عدد المساهمات : 131
    نقاط التمييز : 2147483647
    الرتبة : 0
    تاريخ التسجيل : 05/02/2009

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي Empty رد: جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي

    مُساهمة  المدير 2011-12-17, 11:03

    تنص المادة 403 على أنه :” إذا كان الجرح أو الضرب أو غيرهما من وسائل الإيذاء أو العنف قد ارتكب عمدا ولكن دون نية القتل ومع ذلك ترتب عنه الموت فإن العقوبة من عشر إلى عشرين سنة … ”
    إن الفرق بين هذه الجريمة وجريمة القتل العمد وبصورة أدق بين الاغتيال هو أنه إذا كان الضرب والجرح عمديا فإن الفاعل لم يكن قصده قتل المعتدي عليه أو تسبب وفاته بل إن الوفاة [...]
    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي – بحث جامعي وإحصائيات
    الفصل الثالث : الضرب والجرح المفضي إلى الموت
    [...] حصلت كنتيجة غير مقصودة من قبل المعتدي عكس ما هو عليه الأمر في جريمة القتل العمد الذي يكون المعتدي قاصدا موت أو إيداء المعتدى عليه . إلا أنه يلاحظ أنه تشترك معها في الأركان التي تتكون منها وهي الركن المادي ( نشاط الجاني النتيجة الإجرامية – علاقة السببية ) والركن المعنوي أو القصد الجنائي الذي هو تعمد الجاني إيذاء إنسان في جسمه أو صحته مع العلم بحقيقة ما يقدم عليه.

    المبحث الأول : أركان جريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت
    المطلب الأول : فعل الإيذاء
    ويكون بالضرب أو الجرح أو العنف أو إعطاء المواد الضارة غير السامة يضاف إليها بالنسبة للطفل الذي لم يبلغ 12 من عمره الحرمان من وسائل التغذية والصحة.
    والخصوصية موضوعنا سوف نقتصر على إعطاء تعريف للضرب والجرح فقط الضرب:
    كل اعتداء لا ينشأ عنه جرح وفيه مساس بسلامة الجسم وقد يترك أثرا كاحمرار الجلد أو الكمدات أو لا يترك أثرا مطلقا ذلك يسمى في اصطلاح القانون ضربا وعلى ذلك فالضرب يدخل فيه كل أثر يحدث بجسم الإنسان ناشئ عن استعمال أداة غير قاطعة كعصا ويوجد الضرب ولو لم يترك وراءه أثرا ظاهرا من كدم أو اختناق أو غيرهما وهو بمعناه الواسع يدخل فيه كل صور الصدم والجدب العنيف والضغط على الأعضاء والخنق وضربة واحدة كافية وقد يكون الضرب بغير استعمال أداة خاصة كاللطم بالكفوف أو بجمع اليد أو الضرب بالقدم
    الجرح : هو تمزيق مادة الجسم وشق أنسجته فالجسم مجموعة من الخلايا متجاورة ومتلاحقة بدقة بالغة والجرح يفصم هذا التلاحم ويبعد ما بين الخلايا والجروح أنواع منها السطحي والعميق ومنها الضيق والعريض وقد يكتفي بشق نسيج الجسم كوخزه بإبرة أو طعنه بسكين وقد يتجاوز ذلك إلى نزع جزء منه كما في التسلخات أو إلى إتلاف كما في الحروق وقد يستأصل عضوا بأكمله كما في البثر وقد يكون الجرح خارجيا وذلك هو المألوف وقد يكون داخليا كالكمدات وتهتك بعض الأعضاء الداخلية كالحجاب الحاجز والكبد والمعدة والأمعاء وليس من شروط الجرح أن ينزف فكسور العظام جراح لأنها تنطوي على خصم وحدتها وفض تلاحمها والأسنان عظام ولذلك يدخل كسرها في باب الجروح .
    وغني عن البيان أن تستوي وسيلة التمزيق فقد تستعمل آلة أو مادة وقد يقتصر الجاني على استعمال أعضاء جسمه كالجرح عن طريق العض أو نشب الأظافر أو مجرد الجذب وقد تكون الآلة قاطعة أو واخزة بل إنها قد تكون تيارا كهربائيا بوصله إلى جسم المجني عليه فيصعقه أو يصيبه بأذى أو حيوانا يسخره الجاني لذلك ، المهم أن يتحقق موت المعتدي عليه ولو تحقق هذا الموت بعض الوقت يكفي أن يكون الضرب والجرح سببا في هذا الموت وحتى ولو كانت الوفاة ناشئة عن مضاعفة شريطة أن تكون المضاعفة ناشئة بدورها مباشرة عن الجروح أما إذا لم يمت فلا تنطبق عليه أحكام هذه الفضول مهما تكن إصابته شديدة .

    المطلب الثاني : العمد الجنائي
    أي انصراف إرادة الفاعل إلى ارتكاب الجريمة على ما عرفها القانون، والاتفاق عام على أن العمد يكفي ولذلك لا يشترط توفر القصد الخاص المطلوب توفره في القتل العمد. لذلك يعاقب إذا كان يعلم أن ضربه أو فعله يهدف المساس بسلامة المجني عليه فأقدم مختارا وهذه المعرفة هي النية أي العمد الجنائي كذلك إذا قام الفاعل بالنشاط المؤدي عن قصد إلا أنه لم يستهدف المساس بسلامة جسم إنسان أو صحته ونحو ذلك أن يقذف شخص طائرا أو حيوانا بحجر ظنا منه أنه لا أحد في المكان الذي يتواجد به الطائر أو الحيوان لكن يتصادف بوجود إنسان فيه فيجرحه او يقتله فلا يمكن القول في هذه الحالة ولا في سابقتها أن الفاعل قد ارتكب جريمة إيذاء عمدية وذلك لان الركن المعنوي لهذه الأخيرة غير قائم لغياب القصد الجنائي عند الفاعل أصلا لأنه في المثال الأول قام بالنشاط المؤدي بدون قصد بأن لم يوجه إرادته لإتيانه وفي المثال الثاني قام بالنشاط المؤدي عن قصد لكنه لم يوجه هذا القصاص إلى المساس بسلامة شخص ما في جسمه أو صحته ومع ذلك يمكن القول في الحالتين أنه ولو امتنعت مساءلة المتابع عن جريمة إيذاء عمدية فإنه من المحتمل مسائلته عن جريمة إيذاء غير عمدية في صورة القتل أو الإصابة خطأ إذا ثبت عليه عدم التبصر أو عدم الاحتياط أو عدم الانتباه .

    المطلب الثالث : العلاقة السببية
    الركن الأخير في الجريمة المعاقب عليها في المادة 403 ق ج هو ثبوت العلاقة السببية بين أعمال العنف والإيذاء الصادر من المتهم وبين الموت. وتطبق هنا القواعد العامة المتعلقة بالعلاقة السببية بين نشاط الجاني والنتيجة الإجرامية في الجرائم المادية بصفة عامة بما في ذلك النظريات الفقهية المختلفة حول تأثير او عدم تأثير الأسباب الأجنبية التي تؤدي مع نشاط الجاني إلى حدوث نتائج اكثر خطورة لم تكن لتحدث بذلك النشاط لمفرده . كما جاء في قرار المجلس الأعلى. عند ما ذكرت المحكمة أن ” الحاج محمد صرح بأنه كان يلتقط حبوب اللوز مع ابنه محمد ففاجأ الضحية فضول وأخوه مصطفى وكان الضحية حاملا خنجرا فتضارب الحاج محمد مع الضحية وألحق الأول الحاج محمد بالثاني فضول ضربتين الأول من قفاه والثانية من ظهره سقط على الأرض إثرهما أغمي عليه ومن ثمة حمل على مستشفى تارودانت حيث بقي فيه ستة أيام توفي بعدها فيه …. ” تكون قد عللت حكمها بما فيه الكفاية من الناحيتين الواقعية والقانونية وأبرزت بكيفية واضحة العلاقة السببية بين الجروح التي أصيب بها المجني عليه والموت الناتج عن ذلك .

    ومتى وجدت الإرادة ووجد العمد عوقب الفاعل دون النظر إلى الاعتبارات الأخرى فلو ضربه للانتقام منه أو ضربه ممازحا او مفاخرا أو مصارعا او هو يؤدي تأديبه وإصلاحه فإنه يعاقب على فعله . وقد استقر الاجتهاد على أن المحكمة غير ملزمة بأن تتحدث عن العمد الجنائي بصورة مستقلة لدى المتهم بل يكفي أن يكون هذا العمد مستفادا من وقائع الدعوى كما جاء واردا في القرار الصادر عن المجلس الأعلى الذي جاء فيه ما يلي :” إن التعبير بأن المتهم ضرب وجرح ابنه بمطرقة من حديد قصدا تأديبه يفيد حتما قيام القرائن الكافية على أن هذا الفعل الإيجابي من قبل المتهم صدر على وجه العمد مما يكون معه تكييف الجريمة المتابع عنها بأنها جريمة الضرب والجرح المفضيين إلى الموت بدون نية القتل تكييفا صحيحا . وبما أنه لا مقاصة في القضاء الجنائي فإن تضارب شخصين لا يزيل عنهما المسؤولية وإنما يعاقبان غير أن النصوص القانونية تطبق إذا وجدت كما لو أن هناك أو ممارسة لحق الدفاع الشرعي والقاضي هو الذي يقدر عندئذ الوقائع كما جاء في القرار الصادر عن المجلس الأعلى :” حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن سجل مستنتجات العارض ودفاعه ( بكونه ضرب الضحية بالخنجر الذي كان يحمله في بطنه بعدما أشبعه هذا الأخير شتما وضربا بالمجرفة التي كانت بيده إلى رأسه الأمر الذي شعر معه بالخطر فضرب عندئذ الضحية … دفاعا عن نفسه ) اقتصر على مجرد القول ( وحيث أن المحكمة ثبت لديها عناصر الضرب والجرح المفضيين إلى الموت دون نية القتل) وذلك دون أية إشارة أو جواب عن مستنتجات العارض الذي يجعل حكمها فاقدا لكل تعليل .
    وهناك حالات أجاز فيها المشرع الإيذاء كمزاولة مهنة الجراحة والألعاب الرياضية وتأديب الأب أولاده غير أنه إذا تجاوز الفاعل الحدود التي يبيحها له القانون فإنه يسأل جنائيا.

    وطبيعي أن ينتفي القصد الجنائي كلما حصل النشاط المؤدي بدون تعدد والأمثلة على ذلك كثيرة ونحوها أن يحمل شخص حجارة للبناء على متن شاحنة وأثناء سيرها على الطريق تسقط إحداهن على شخص فتجرحه كما ينتفي القصد ويتبادر إلى الذهن سؤال هام نرى أن نطرحه وهو أن الفاعل إذا ضرب ضحيته فجرحه وصفه الطبيب الشرعي الوصف الذي يراه مناسبا ولو حق الفاعل أمام المحكمة وحوكم وبعد أن أصبح الحكم مبرما توفي المضروب متأثرا بجروحه فهل تجوز محاكمة الفاعل مرة ثانية ؟ أم أن الحكم أصبح مبرما وحقا مكتسبا له ؟
    القانون المغربي ساكت وكذلك القانون المصري والقانون الفرنسي واجتهاد هاذين البلدين الأخيرين ثابت على أنه لا يجوز إعادة المحاكمة مرة ثانية احتراما للقضية المبرمة ونظن ان هذا ما يجب السير عليه في المغرب لتشابه النصوص لذلك يستحسن بالمحكمة ألا تعجل في الفصل في الدعوى تحسبا مما يحدث للجروح. ولكن المشرع السوري واللبناني وبعض التشريعات الأجنبية أوجدت حلا معقولا للمسألة فنصت على أنه إذا أصبح الفعل قابلا لوصف أشد جازت ملاحقة الفاعل من جديد .

    ونحن نتفق مع الأستاذ الخمليشي الذي يرى بأنه لا يحق للنيابة العامة أن تتابع المتهم بعد تفاقم النتائج بالوصف الجديد الذي تحقق بعد صدور الحكم ويؤخذ ذلك من المادة 351 من المسطرة الجنائية التي تنص على أن :” كل شخص أبرأت ساحته أو حكم بإعفائه لا يمكن أن يتابع بعد ذلك من أجل نفس الوقائع ولو اتصفت بصفة قانونية أخرى” وإذا امتنعت إعادة المتابعة في حالة الحكم بالبراءة أو الإعفاء فإن نفس الحكم سري بالأولوية في حالة الحكم بالإدانة لأن إعادة المحاكمة في هذه الحالة الأخيرة يؤدي إلى عقاب المتهم مرتين على فعل واحد وهي نتيجة غير مقبولة قطعا يتبين من هذا أن الحكم يعتبر قرينة قانونية قاطعة بالنسبة لتكييف جرائم الضرب والجرح وما يترتب عنها من نتائج للضحية ولذلك ينبغي للمحكمة أن لا تصدر الحكم إلا بعد أن تتأكد من النتائج النهائية للإصابة التي تعرض لها الضحية تفاديا لما يترتب عن حدوث تغير في تلك النتائج فيما بعد .
    باقي أجزاء البحث في : قائمة البحوث الجامعية
    المدير
    المدير
    Admin


    عدد المساهمات : 131
    نقاط التمييز : 2147483647
    الرتبة : 0
    تاريخ التسجيل : 05/02/2009

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي Empty رد: جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي

    مُساهمة  المدير 2011-12-17, 11:05

    Share

    يلاحظ أن المشرع عند خلعه للوصف الجنائي على جرائم الإيذاء العمدية والعقاب عنها قد اعتد بالنتيجة التي تترتب عن النشاط المؤدي الصادر من الفاعل وأهميته ومن ثم فقد اعتبر بعض هذه الجرائم مكونة لجناية من الجنايات والبعض الآخر مكونا لجنحة من الجنح في حين اعتبر بعضها مشكل لمخالفة فقط هذا من حيث الوصف الجنائي أما من حيث العقاب فيلاحظ أنه اخذ بعين الاعتبار الظروف التي قد تلابس ارتكاب مختلف هذه الجرائم فشدد العقاب أو خففه بحسب هذه الظروف.

    إلا أن الملاحظ كذلك هو أن الظروف [...]

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي – بحث جامعي وإحصائيات
    الفصل الثالث: الضرب والجرح المفضي إلى الموت
    المبحث الثاني : العقوبة والأعذار المخففة والظروف المشددة لجريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت .
    [...] المشددة تتعلق بكل جريمة على حدة في حين أن أسباب التخفيف تنطبق على كل هذه الجرائم بدون تمييز ولخصوصية موضوعنا سوف نتطرق لعقوبة جريمة الضرب والجرح المفضي للموت وأسباب التخفيف و ظروف التشديد الخاصة بها.

    المطلب الأول : العقوبة وظروف التشديد
    جاء في المادة 403 من القانون الجنائي ” إذا كان الجرح أو الضرب أو غيرهما من وسائل الإيذاء أو العنف قد ارتكب عمدا ولكن دون نية القتل ومع ذلك ترتب عنه الموت فإن العقوبة تكون السجن من عشرة إلى عشرين سنة … “
    وفي حالة سبق الإصرار والترصد أو استعمال السلاح تكون العقوبة السجن المؤبد ” .

    يتضح من خلال ما سبق أن المشرع عاقب على هذه الجريمة بالسجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة لكنه عاقبها بعقوبة القتل البسيط-وهي السجن المؤبد- إذا توفر سبق الإصرار والترصد او استعمال السلاح هذا إذا كان الجان ليس فرعا للمجني عليه أما إذا كان فرعا له فإن عقوبة الجريمة في حالتها العادية هي السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة أما إن هي اقتربت بسبق الإصرار أو الترصد أو استعمال السلاح فتكون العقوبة هي السجن المؤبد ونجد أن سبق الإصرار والترصد ظروف راجعة إلى خطورة الجاني وقد نصت على اعتبارهما ظرفين مشددين في جرائم الضرب والجرح وباقي وسائل الإيذاء المواد 400و401 و402 و403 و404 التي تضمنت كيفية رفع العقوبة فيها عند توفر أحدهما وهناك ظروف راجعة إلى صفة في الجاني ونصادف من بين هذه الحالات صفة موظف عمومي فقد نصت المادة 231 على أن ” كل قاض او موظف عمومي أو أحد رجال أو موظفي السلطة أو القوة العمومية …” وصفة كون الجاني أصلا للمجني عليه أو له سلطة عليه أو مكلفا برعايته في رب أسرة على أشخاص فأجاهم بمنزله وهم في حالة اتصال جنسي غير مشروع ” إن العذر في هذه الحالة مقرر بسبب الاستفزاز الذي تحدثه الجريمة المرتكبة داخل المنزل العائلي بالإضافة إلى الدفاع عن سمعة العائلة .

    ونحن نساير ما ذهب إليه الأستاذ الخمليشي الذي يرى بأن تخصيصه برئيس العائلة بيد ومجرد تقليد من القانون المغربي فهل الأخ مثلا إذا فاجأ ( أخته متلبسة بجريمة عرض داخل المنزل يختلف انفعاله وحقه في الدفاع عن سمعته العائلة بحسب ما إذا كان هو رئيس العائلة أو إذا كان أبوه ما يزال هو رئيس العائلة ؟
    ولقيام هذا العذر يجب أن يتحقق عنصر المفاجأة لديه بأن كان لا يتوقع ما رآه إطلاقا وأن يرتكب الجريمة حال مباغتته بما رأى أما إذا لم يرتكبها إلا بعد انتهاء المفاجأة وهدوء أعصابه فإن حالة الاستفزاز التي تتولد عادة عن هول المفاجأة وهدوء أعصابه فإن العذر غير قائم في حقه .
    ولقد سبق أن تطرقنا بتفصيل لمجموعة هذه الشروط عند دراستنا للأعذار المخففة لجريمة القتل العمدية.
    وهناك عذر آخر نص عليه المشرع في المادة 421 من ق ج الذي جاء فيه :” يتوفر عذر مخفف للعقوبة في جرائم الضرب والجرح إذا ارتكبت ضد شخص بالغ عند مفاجأته متلبسا بهتك عرض بعنف أو دون عنف على طفل دون الثانية عشر … ”
    والواقع أن مرتكب الجرح أو الضرب في هذه الصورة يكون في حالة دفاع شرعي لأن وجود العنف أو صغر الضحية الذي يكون هتك العرض خطرا على سلامته تتحقق معه حالة الدفاع عن النفس .

    ولعل المشرع قصد حالة هتك العرض بدون إحداث جروح أو آفات جسيمة فتكون الجريمة المتلبس بها مجرد هتك عرض والقانون لا يقرر الدفاع الشرعي إلا أنه إذا كان مرفقا بعنف أو كان يشكل خطرا على السلامة الجسمية أو الصحية للضحية فإن الدفاع يكون ذاك على النفس وليس على العرض بمفرده . ونلاحظ أن المشرع اشترط في الشخص المضبوط أي المعتدى عليه بالضرب أو الجرح بالغا وكلمة البلوغ هذه التي أتى بها النص جاءت مطلقة ويمكن الاختلاف حول المقصود منها أهو البلوغ الجنسي؟ أو النضج العقلي ؟ أو ضرورة بلوغه السن التي تجعله مسؤولا جنائيا؟ في جرائم الضرب والجرح أو الحرمان من التغذية او العناية المرتكبة ضد طفل يقل عمره عن 12 سنة ( م 411) ، وصفة كون الجاني أحد أصول المجني عليه أو فروعه فقد نص المشرع على ذلك في المادة 296 :” من قتل أصوله عمدا يعاقب بالإعدام ” أو زوجه او المستحق في ميراثه أو من له سلطة عليه أو المكلف برعايته إذا كانت وسيلة الاعتداء مادة ضارة بالصحة ( م 414) . وصفة كون الجاني أصلا للمجني عليه أو له سلطة عليه أو مكلفا برعايته في جرائم الترك أو التعريض للخطر المرتكبة ضد الأطفال العاجزين عن حماية أنفسهم بسبب حالتهم الجسمية او العقلية ( م 460 و 462 ) وهناك أيضا ظروف راجعة إلى وسيلة الإيذاء ولقد عرفت المادة 303 من القانون الجنائي السلاح كما يلي: ” يعد سلاحا في تطبيق هذا القانون جميع الأسلحة النارية والمتفجرات وجميع الأجهزة والأدوات والأشياء والواخزة او الراضة او القاطعة إلا أن الخناجر المستعلمة للزينة سواء سميت خناجر أو كميات معلقة في حمالة وكذلك سكاكين ومقصات الجيب والعصي فإنها لا تعتبر سلاحا إلا إذا استعملت القتل أو الجرح أو الضرب أو التهديد” . ويلاحظ من الناحية العملية أن النيابة العامة كثيرا ما تتجاوز عن المتابعة بظرف استعمال السلاح إذا كانت الأداة المستعلمة ليست سلاحا ناريا او أداة قاطعة مثل الحجر العصي وما ماثلهما .

    المطلب الثاني : الأعذار المخففة
    تعرض القانون الجنائي في المواد من 416 إلى 421 لحالات من الأعذار القانونية المخففة في جرائم الضرب والجرح.
    والملاحظ أن أغلب هاته الحالات تشترك مع الأعذار المخففة للعقوبات في جرائم القتل العمدية وقد تعرضنا لثلاث حالات منها عند الكلام على جريمة القتل وهي المنصوص عليها في المواد 416 و 417 و 418 تتضمن حالات الجرح أو الضرب المرتكب في حالة الاستفزاز . او لدفع تسلق أو كسر نهارا أو الذي يرتكبه الزوج أثناء مفاجأته لزوجته متلبسة بجريمة الخيانة الزوجية.
    وبالإضافة إلى ذلك نصت المادة 420 على توفر العذر المخفض للعقوبة ” جرائم الجرح والضرب دون نية القتل حتى ولو نشأ عنها الموت إذا ارتكبها ونحن نتفق مع الأستاذ أبو الفتوح الذي يرى أنه من غير المعقول اعتبارها تعني سن المساءلة الجنائية على أساس أن ما لحقه ليس عقوبة تطاله ويرى أن الأولى اعتبار المقصود من كلمة ( البلوغ) هو البلوغ الجنسي .
    ورغم أن المشرع اشترط أن يقع هتك العرض على الطفل فإن العذر يتوفر أيضا إذا وقع الهتك على طفلة أنثى سنها أقل من 12 سنة وكذلك ورغم تعبير المشرع عن الهاتك للعرض بكلمة ” شخص” مما يوحي بأنه يجب أن يكون ذكرا فإن المضبوط متلبسا بجريمة الهتك يمكن أن تكون امرأة بالغة وإن كان الغالب عملا أن يكون رجلا .
    وأخيرا تجب الإشارة إلى أنه لكي يتوفر هذا العذر المخفف يجب أن تكون سن المهتوك عرضه أقل من 12 سنة سواء كان الهتك للعرض بالعنف او بدونه أما إذا كانت سنه اكثر من 12 سنة فإن العذر لا يقوم إلا إذا ترافق مع العنف .
    بقيت الإشارة في الأخير إلى انه في حالة توافر أحد الأعذار القانونية السابقة فإن العقوبة تخفض في جريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت من سنة إلى خمس سنوات في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام او السجن المؤبد .

    وجدير بالتنبيه إلى أن الأعذار القانونية التي تستوجب تخفيض العقوبة قررها المشرع حالة الاستفزاز التي تتولد لدى الحاصلة له عندما يرتكب الإيذاء بوسيلتين هما الجرح أو الضرب دون غيرهما من صور الإيذاء ، ومن ثم فلا يعتبر معذورا ولو جزئيا بأحد الأعذار السابقة وفي الحدود التي تقررها ومن يعطي موادا ضارة بالصحة للمجني عليه أو يحبسه في أحد الأماكن ويمارس التعذيب النفسي عليه لأن هذا النوع من الإيذاء يرتكب عن إصرار ويعد انتقاما لا يجوز أن يكون موته معذورا عنه قانونيا، ولأن المشرع لما عذر عن واقعة الجرح والضرب فإنما ذلك كان مراعاة منه لحالة الجاني النفسية المضطربة بسحب حالة الاستفزاز التي تولدت لديه وعلى كل حال فإن توافر العذر القانوني المخفف للعقوبة يلزم معه وجوب الحكم بعقوبة جنحية بذل العقوبة الجنائية ومع ذلك فإن جناية الإيذاء العمدية المعتبرة قانون جناية لا يتغير وضعها بسبب تخفيف العقاب بالوجود عذر مخفض بل تظل مع ذلك جناية عملا بالمادة 112 التي تقرر بأن نوع الجريمة لا يتغير إذا حكم بعقوبة متعلقة بنوع أخر من أنواع الجرائم بسبب تخفيف أو لحالة عود ويترتب عما سبق أن يبقى الاختصاص معقود للغرفة الجنائية بمحكمة الاستئناف وليس للمحكمة الابتدائية كما يجوز للمحكمة أن تحكم بالمنع من الإقامة على الجاني من خمس سنوات إلى عشر إلا أن استبدال المشرع لعقوبة جنائية الإيذاء العمدي بعقوبة جنحية تترتب عنها بعض النتائج ، ومن أهمها أن الغرفة الجنائية يمكن أن تأمر بوقف تنفيذها ( طبقا للمادة 55 ف ج ) كما أن النزول بالعقوبة إذا أن المحكمة تمتع المتابع بظروف التخفيف القضائية – يسري عليه الفصل 149 ق ج الخاص بالعقوبات الجنحية وليس الفصل 147 الذي ينظم كيفية النزول بالعقوبة في الجنايات .
    ولما كانت جريمة القتل من أخطر الجرائم وأشنعها على الإطلاق فإن التحسيس بخطورتها ورصد أسبابها والعوامل المؤدية إليها ينطوي على فائدة علمية وعملية لا جدال فيها . ومما يستدعي الموضوع من بحث وتقصي ودراسة تبين لنا أن جرائم القتل هي نتاج عوامل متعددة ترجع بالأساس إلى عوامل اجتماعية واقتصادية.

    فالعوامل الاجتماعية تتمثل في الظروف التي تحيط بالشخص مند فجر حياته وتتعلق بعلاقاته بغيره من الناس في جميع مراحل حياته وارتباطه بهم بنوع وثيق من الروابط مؤثر في سلوكه إلى حد بعيد.
    أما العوامل الاقتصادية فهي كذلك تشكل أحد العوامل التي تدفع البعض إلى ارتكاب الجريمة بحيث كثيرا ما يكون العامل الاقتصادي دافعا إلى ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وتفسير ذلك أن الذائقة المالية التي يعاني منها بعض الناس يترتب عليها توتر الشخص وقلقه من المستقبل الأمر الذي يدفعه إلى ارتكاب الجريمة نتيجة الحاجة وهذه الحاجة راجعة بالأساس إلى عاملين أساسيين هما الفقر والحرمان والبطالة وهو ما ينعكس سلبا على سياسات الدولة بخصوص محاربة الجريمة إذ ينتج من هذه العوامل ارتفاع في عدد المسجونين إثر قيامهم بأعمال مخالفة للقانون ومما يؤثر على القذرة الاستيعابية للسجون . فقد أشار آخر تقرير سنوي حول وضعية السجون بالمغرب لسنة 2003 إلى الأعداد المهولة للسجناء المتابعين بجرائم الاعتداء على الأشخاص والملاحظ من خلالها أن نسبة الذكور تفوق نسبة الإناث.
    المدير
    المدير
    Admin


    عدد المساهمات : 131
    نقاط التمييز : 2147483647
    الرتبة : 0
    تاريخ التسجيل : 05/02/2009

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي Empty رد: جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي

    مُساهمة  المدير 2011-12-17, 11:07

    4Share

    إحصائيات جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي
    (إظغط على الصورة لإظهارها بحجمها الطبيعي)
    جدول رقم 1 : توزيع المعتقلين البالغين من العمر أقل من 20 سنة الوافدين من حالة سراح على المؤسسات السجنية حسب نوع الجريمة خلال سنة 2003.

    المؤسسات السجنية

    جدول رقم 2 : تصنيف المعتقلين البالغين من العمر 20 سنة فما فوق والمحكومين بصفة نهائية حسب نوع الجريمة والسن بتاريخ 31-12-2003.

    statistiques prison maroc

    جدول رقم 3 : تصنيف المعتقلين حسب مدة العقوبة والحبس بتاريخ 31-12-2003.

    إحصائيات سجون مغربية

    وضعية السجون بالمغرب

    المصدر: التقرير السنوي حول وضعية السجون بالمغرب 2003.

    بيانات الجداول أعلاه :

    الفئة العمرية والجنس
    نوع الجريمة
    المتابعة من أجلها من 12 سنة إلى أقل من 16 سنة من 16 سنة إلى أقل من 18 سنة من 18 سنة إلى أقل من 20 سنة
    إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور
    القتل العمد – 13 – 104 5 139
    القتل الخطأ – 3 – 20 – 38
    الضرب والجرح المضي إلى الموت 2 15 2 63 1 140
    محاولة القتل – 27 – 59 – 85
    المجموع 2 58 2 246 6 402الفئات العمرية والجنس

    أنواع الجرائم من 20- 24 سنة من 25- 34 سنة من 35- 39 سنة من 40- 49 سنة من 50- 59 سنة من 60 فما فوق المجموع النسبة المئوية %
    إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور
    جرائم الاعتداء على الأشخاص 24 851 74 1872 45 919 29 985 32 387 3 123 207 5137 22,91%
    جرائم الاعتداء على الأموال 23 1717 33 2651 20 783 29 661 9 236 2 59 116 6107 26,67%
    جرائم ضد نضام الأسرة والأخلاق العامة 19 335 37 600 11 246 12 204 3 51 1 7 83 1443 6,54%
    جرائم الإخلال بالأمن العام 7 620 4 799 1 323 3 259 3 142 0 20 18 2163 9,35%
    جرائم القوانين الخاصة 32 1234 35 2865 22 1164 22 922 8 258 0 56 119 6499 28,37%
    جرائم أخرى 14 287 16 453 11 270 22 216 4 111 2 32 69 1369 6,16%

    المجموع 119 5044 199 9240 110 3705 117 3247 59 1185 8 297 612 22718 100.00
    المجموع العام 5163 9439 3815 3364 1244 305 23330
    النسبة المئوية % 22,13 40,46 16.35 14.42 5.33 1.31 100.00

    مدة العقوبة إلى غاية شهر واحد أكثر من 1 إلى 6 أشهر أكثر من 6 إلى سنتين أكثر من 2 إلى 5 سنوات أكثر من 5 إلى 10 سنوات أكثر من 10إلى 30 سنة المؤبد الإعدام الإيداع بمؤسسة العلاج المجموع المجموع العام
    الجنس إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور
    المجموع 24 653 135 3449 223 9263 87 5689 80 2787 100 3001 25 608 8 70 0 1 682 25521 26203
    المجموع العام 677 3584 9486 5776 2867 3101 633 78 1 26203

    المجموع 2002 30239
    المجموع 2003 26203
    معدل التغيير % -13,35

    كلمات مفتاحية: متلبسين , مراهقين , معيار , أو العنف الجسيم , مولاي , المرتكب , الأعذار المخففة , المغربي , الموت , المقضي , الاجرامي , الترصد , الخيانة الزوجية , الجرح , الخطأ , العلاقة السببية , العمد , الغير العمد , العقاب , الإي , الإجازة في الحقوق , النتيجة الإجرامية , النشاط , النشاط الإجرامي , النشاط والنتيجة , الوفاة , الضرب , القتل , القتل الخطأ , القتل العمد , اجرام , احصائيات , ارتباط , ارقام , اسماعيل , استفزاز , اعداد , اطفال , بالخيانة الزوجية , بحث جامعي قانوني خاص , بحوث جامعية , جريمة , جريمة القتل , جنايات , جناية , جنحة , سبق الإصرار , عناصر , عقوبة , عقوبته , في القانون , فعل , نتائج , نتيجة , قاصرين , قانون خاص , قتل , قتل الأم لوليدها , قتل الأصول , قتل الزوج لزوجته , كلية الحقوق
    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي
    المدير
    المدير
    Admin


    عدد المساهمات : 131
    نقاط التمييز : 2147483647
    الرتبة : 0
    تاريخ التسجيل : 05/02/2009

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي Empty رد: جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي

    مُساهمة  المدير 2011-12-17, 11:07

    Share

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي

    خاتمة

    لعلنا بتعرضنا لموضوع جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي بأنواعها الثلاثة نطاق التحليل، نكون قد أسهمنا ولو بجزء بسيط في الكشف عن بعض الجوانب المهمة التي تنطوي عليها جريمة القتل نظرا لما تعرفه هذه الظاهرة الاجتماعية من اهتمام كبير من طرف الباحثين من أجل إيجاد نظم وسبل كفيلة بمكافحتها بغية التقليل من حدثها وخطورتها لا سيما مع تنامي المشاكل الاجتماعية وتأزم الأوضاع الاقتصادية والسياسية .
    ومن ثم حاولنا في بحثنا بمعية من إرشادات أستاذنا بالتطرق إلى جريمة القتل العمد في حالاتها العادية التي تشكل ذروة الإجرام نظرا لما تمثله من استخفاف بحياة الآخرين و إهدار بحقهم في الحياة وبالتالي فلا جدال في خطورة هذه الجريمة وتهديدها للكيان الفردي والاجتماعي وجريمة القتل الخطأ وما تشتمل عليه من صور لا تقل عن نظيراتها في القتل العمد والتي تبقى من أهم الجرائم انتشارا في عصرنا الراهن نظرا للتقدم التكنولوجي وتعقد مجالات الحياة .
    وأخيرا جريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون نية القتل وهي كذلك من جرائم الإيذاء التي تمس حياة الإنسان.
    كل هذا استدعى منا وقفة تأمل لبحث الظاهرة الإجرامية بكل جوانبها والكشف عن صورها وإعطاء صورة واضحة لجريمة القتل في التشريع المغربي وهذا ما حاولنا تسليط بعض الضوء عليه من خلال تناولنا لهذه الجرائم الماسة بالأشخاص وإن كان الفقه والمهتمين قد أولوها اهتماما وأفردت لها التشريعات نصوصا لتحريمها فإننا نرى أن هذه الجرائم لا زالت تستدعي مزيدا من العناية والاهتمام سواء من جانب المشرع أو الفقه أو القضاء على السواء .
    فمن واجب المشرع تخصيص أكثر من نص قانوني لتنظيم هذه الجرائم بشكل يسهل معه للقاضي وللمهتم تحديد بؤر الخلاف والشك بدل الاقتصار على نص أو نصين جاءا بصيغة عامة فمثلا جرائم القتل الخطأ أفرد لها المشرع نص ق 432 من القانون الجنائي لم يبين في مفهوم الخطأ مكتفيا بالإشارة إلى بعض صوره والتي لم تعد تساير بعض الحالات العملية المعقدة .

    كلمات مفتاحية : معيار الخطأ في القتل الغير العمد وعقوبته , أو العنف الجسيم , الأعذار المخففة , الترصد , الخيانة الزوجية , العلاقة السببية , العلاقة السببية بين النشاط والنتيجة , الإجازة في الحقوق , النتيجة الإجرامية , النشاط الإجرامي , الضرب و الجرح المفضي إلى الموت , القتل , القتل المرتكب نتيجة استفزاز ناشئ عن اعتداء بالضرب , القتل الخطأ , القتل العمد , ارتباط القتل العمد بجناية أو جنحة , بحث جامعي قانوني خاص , بحوث جامعية , جامعة مولاي إسماعيل , جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي , جريمة , جريمة القتل , سبق الإصرار , صور الخطأ , عناصر الخطأ وصوره , عناصر العقاب على القتل العمد , فعل الإيذاء , وشريكها عند مفاجأتهما متلبسين بالخيانة الزوجية , قانون خاص , قتل الأم لوليدها , قتل الأصول , قتل الزوج لزوجته , قوبة القتل العمد المقترن بالعذر القانوني المخفف , كلية الحقوق

      الوقت/التاريخ الآن هو 2024-11-21, 01:11